كبوشية التاريخ المبهر والواقع المحزن الذي نسعي لتغييره
 
الرئيسيةالبوابة*أحدث الصورتسجيل دخول الاعضاءدخولالتسجيل

دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى:
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» قرية جبل أم علي
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالسبت أغسطس 18, 2018 5:13 pm من طرف متوكل هاشم عثمان العوض

» Do you know what is family
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 17, 2018 9:26 pm من طرف متوكل هاشم عثمان العوض

»  مرحبا بالاخ متوكل هاشم
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 17, 2018 9:08 pm من طرف متوكل هاشم عثمان العوض

» موسوعة غناء الحقيبة عوض محمد بابكز
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 20, 2015 1:19 pm من طرف عادل عثمان مصطفي

» الجرجير يخفض من الإصابة بسرطان الرئة والقولون
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالجمعة سبتمبر 04, 2015 7:57 am من طرف عادل عثمان مصطفي

» من أجمل ما قرأت (منوعات)
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالأحد أغسطس 30, 2015 8:07 pm من طرف عادل عثمان مصطفي

» عجائب الاخبار........1
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالجمعة أغسطس 14, 2015 5:06 pm من طرف عادل عثمان مصطفي

» مقالات متنوعة عن الاسرة والمجتمع
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالخميس أغسطس 13, 2015 7:51 am من طرف عادل عثمان مصطفي

» الطيب محمد الطيب يا دوحةَ عطاءٍ ماكثٌ في الأرضِ// أبوشوك
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالخميس يوليو 23, 2015 12:38 pm من طرف عادل عثمان مصطفي

إطلالة على رحيل الأزهري
إطلالة على رحيل الأزهري  I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 09, 2014 6:51 pm من طرف عادل عثمان مصطفي

كتب عبد الله الشقليني....




إطلالة على رحيل الزعيم اسماعيل الأزهري



(1)

عندما كان يُذكر "الأزهري" ، كان والدي وأصحابه يذكرونه بالزعيم الذي رفع علم الاستقلال . ومرّ زمان وبدأ الشموليون يشيعون أنهم هم من صنعوا الاستقلال ، وتراجع البعض منهم إلى أن تاريخ الأول من يناير 1956 لا يستحق الاحتفال ولا الذكرى . فقد انحسرت الوطنية وعادت القبلية الآن تستقوي بصناعة الشموليين الجُدد !.
عندما كنت أراه في طفولتنا بين أهلنا في مناسبات الأتراح بهندامه المميز الأبيض من قماش " الدمور " الذي هو صناعة للنسيج السوداني منذ قديم الزمان ، يقوم أعمامنا لاستقباله . يجلس وسطهم يتفقد أحوالهم ويستأنس يفرِّج الكروب . متواضعاً كان وسطهم ، لكنه مميز الملبس . لم أره في جلباب أو عمامة قط. شخصية صادحة بالوهج عند اللقاءات الجماهيرية . يحمل إرث التربية والتعليم وروادها الذين بصموا على تاريخ التعليم بصمتهم المميزة . مسلك المُعلم ، لم تفارقه طوال حياته .

عندما يتخفف الزمان وتجري عُجالته، تستدق الصورة وتغدو ريحاً من سيرة عطِرة تخلو من العثرات . إن كان الشعب بذاكرة تتسامح مع الأشخاص الذين لم يسرقوا ولم يقتلوا ، فمن حق المعرفة علينا أن نُشير بأن شعار " التحرير لا التعمير " لم يكُن موفقاً ، ولم يكن موفقاً قسمة السلطة في نظام برلماني ليكون لمجلس السيادة رئيس دائم. سار هو مع ركب الذين تعالوا على سلطة القانون وحلوا الحزب الشيوعي بتهمة الظن لرجل كتب في زمانٍ غابر " الطريق إلى البرلمان" ، مدرسة لتعليم كيف يتعلم الفرد النهج الديمقراطي مسلكاً وممارسة حضارية . قد نختلف معه وقد نتفق ، ولكن لن نأتي به في يوم من الأيام مطلوباً لأية عدالة كانت .

كان الأزهري مثل كل الرعيل الأول ينتمي لمؤسسة التربية والتعليم ، تلك المؤسسة التي مهدت للوطنيين الأوائل مدخلهم للسياسة والحُكم . كان الأزهري يحمل تراث المعلم الذي لم نوفه التبجيلا. نقي اليد واللسان . يستعفف ولا يأخذ من المال العام . بنى بيته من ديون وتبرعات الاتحاديين ، ولم يستطع انقلابيي مايو أن يجدوا سبيلاً ليتهمونه بالفساد المالي ، اعتقلوه ، بل اغتالوه في مستشفى الخرطوم حين احتاج قلبه إلى أكسيجين ، لم يجد إلا أنبوبة فارغة ، ليمُد أصبعه متمتماً بالشهادة في سره ويرحل .
وهبت العاصمة المثلثة حينها مترجلة لوداع الأزهري ، في حين كانت طائرات السلطة ترقب الجموع الهادرة أثناء تشييعه .

( 2 )

كتب الكاتب والباحث ووزير الخارجية الأسبق ، وسكرتير مؤتمر الخريجين : الأستاذ " جمال محمد أحمد " أن أهلنا في الأرياف قد أسسوا لدبلوماسية العمل الأهلي المدني ، حين كانوا يجتمعون تحت الشجرة ، ويعرضون الخلاف والخصومات على وجهاء القوم ، وعامتهم . حين كانوا " يحقنون الدم بالعصا " ، فلم يكن سودان الأرياف بعيداً عن الدبلوماسية الشعبية ، بل كان ممارساً حفر خبرته نقشاً في الحجر الشفهي ، وليتنا نتعلم دروس أهل الأرياف الذين علموا قضاة السودان كيف يتواضعون للأعراف ويمتدحون مؤتمرات الصُلح القبلي ، وكيف كان ثمرها المرّ حلواً آخر المطاف .

( 3 )

تذوب كل عداءات منافسيه وتغدو سيرته سيرة نسرٍ خاض كل المعارك وقبع في سمائه . تذوب معارك التنافس في مؤتمر الخريجين ، ثم الوطني الاتحادي الذي توحدت أحزابه الثلاث وتحالفه مع مصر والدعوة لاستقلال منقوص بالوحدة مع مصر ، حتى أصلح رؤيته بالدعوة للاستقلال من داخل البرلمان . ومن بعد التحالف مع طائفة الختمية وميلاد " الحزب الاتحادي الديمقراطي" من أجل المغالبة ، وبدأت صراعات الأحزاب و صراع القيادات التقليدية منذ أوائل القرن الماضي . قضايا وتواريخ تُلاحق بعضها . تتغير الأهداف ويتغير شكل الصراع الاجتماعي السياسي الاقتصادي ومصالح الطبقات التي تحاول أن تتشكل بنكهة سودانية وإرث مُتسامِح قديم . تتحرك ببطء في غليان القدور. و من تحت صراعات الأحزاب واختلاف مناهجها في التعامل مع الديمقراطية تمتد يد المجتمع البدوي الزراعي ، وأخلاقه ومواريث ثقافته تبتني طريقاً ممهداً لصناعة أهرامات طائفية تتغذى بمحبة العامة لأهل الصفوة القبلية والطائفية . تأخذ الحياة طريقاً محفوفاً بالمخاطر ، تُلجِم المجتمع وتوقه للنهضة . واحتجب القادة من أصحاب الرؤيا ، فلم يكن عندنا مثل غاندي في الهند أو مهاتير في ماليزيا . عاش " الأزهري " تلك الأيام بضجيجها وصخبها ، إلى أن جاءت زمرة 25 مايو 1969 الانقلابية بليل، صادرت الدستور المؤقت وحلّت الأحزاب والنقابات . وبدأت سيرة جديدة من الحكم الشمولي .

(4)

تتغير الشخصيات في تلك اللجة الغريبة حين يكون السلطان بجلباب يعتاد عليه المرء . لكن " الأزهري " في إنسانيته وفي تواضعه نبعٌ من خلق المتصوفة ومدارسهم الأولى ،لم تغير شخصه . وربما هو في الاجتماعات الحزبية غيره في الحياة العادية ، غلبته صفة المُعلم . عندما يخلو لأسرته يتناثر الجبس الأبيض الذي يغلف شخصه ويعوده المرح . فيفتتح الصحيفة ، ليرى ماذا كتب رسام الكاريكاتير " عز الدين "عن أهل الحُكم فيضحك أولاً .
كيف كانت الحسرة الجديدة ، من بعد انقلاب مايو 1969 . وكيف كان وقع السجن عليه مرة أخرى وهو في ذلك العُمر ، غيره عندما كان أيام عسكر عبود .

(5)

كتب " خضر حمد" في مذكراته عن رحيل الزعيم الأزهري وهو يتحدث بعد اعتقالهم بعد الأيام الأولى للانقلاب العسكري المايوي :
{لم يحضر بعد ذلك أحد من أعضاء مجلس السيادة ، ومكثنا نحن الاثنان ما يزيد على الثلاثة أشهُر ، لم يسألنا فيها أحد عن شيء ، وكانت المعاملة حسنة ، وكانت تعليمات السيد وزير الداخلية كما علمنا من قمندان السجن أن تُستجاب مطالبنا فيما يختص بالأكل الخاص والأدوية وألا يحال بيننا وبين مال يأتينا من الخارج من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو كتب .في السجن ظهرت منه صفات أخرى ، هي تدينه ومداومته على قراءة القرآن والفقه والتاريخ ، هذا إلى جانب اهتمامه بالتخطيط ، فقد كان ضمن كتبه تقويم السودان وخرطة للسودان . وكان يدرس الطرق وأماكن المياه وتطوير احتياجات الرعاة ، وكان اهتمامه بالخريف عظيماً وكان يتحدث عن الثروة الحيوانية. لا يتكلم عن الغير ولم يسأل ولو مرة واحدة : لماذا نحن هنا ومتى نخرج وماذا يريدون منا ، وكان مؤمناً أن كل ما يحدث فهو من الله ويجب الصبر عليه .}




تعاليق: 2
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 491 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو مشمش فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 16444 مساهمة في هذا المنتدى في 2721 موضوع