محمد احمد سرور
"عميد الفن الغنائى"
يقول فيصل نجل عميد الفن أن اباه ولد على الارجح العام 1901
و يرجح ذلك أيضا المؤرخ و الشاعر مبارك المغربى و بروفسير
الفاتح الطاهر بينما يرجح عوض بابكر مقدم برنامج حقيبة الفن
أن يكون ميلاده في 1898 و يستقى ذلك من ابناء منطقة حى
السيد المكى و ود أرو في امدرمان حيث نشأ سرور.
و لد سرور في قرية المجذوب (ود المجذوب شمال غرب مدينة
ود مدنى و انتقلت اسرته إلى امدرمان و هو بعد صغير (و كان
عمره سبعة سنوات .
من جهة امه ينتمى إلى بيت الشيخ محمد صالح أرو صاحب الجامع
المعروف أرو و هو من اعرق بيوت امدرمان ثم تلقى مبادئ النحو
و التلاوة و القراءة في خلوة مسجد الشيخ أرو.
يقول ابنه "أن صنعة الغناء ادركت والده في عام 1911 و كان يتردد
على بيوت الاعراس وكان الفنان الوحيد "الطنابرى" في ذلك الزمن
هو محمد ود الفكى و لما يرجع إلى البيت كان يحاول تقليده"، اى
أن سرور بدا الغناء و هو ابن عشرة. بينما يقول المغربى و عوض
بابكرانه بدا الغناء في سن السادسة عشر من عمره.
بدا سرور حياته المهنية في امدرمان فراشا في شركة الترام
ثم مراسلة في المصلحة البيطرية و عندما بدا سرور يتناول الغناء
و هو بعد صبى اخذ الناس ينظرون إليه باعتباره انسان فاشل
و مشكوكا في رجولته.
و لما بلغ ابيه أن ابنه يكاد يضيع في الخرطوم احضره إلى ود
مدنى ليعمل مراسلة في مدرسة ود مدنى الاميرية ثم تلميذا
بشركة "جلاتلى هانكى" و تخرج منها ميكانيكيا عام 1911.
رجع سرور بعد ذلك إلى امدرمان حيث عمل في زريبة "مزاد"
حيث التقى بالشاعرين سيد عبد العزيز و يوسف الحسن ثم
عمل في سفلتة الطرق على "وابور الظلط" حيث كان يغنى
اثناء العمل و حوله الصبية والمعجبين.
ثم عمل ميكانيكيا مرة أخرى بشركة جلاتلى هانكى في امدرمان.
ثم ذهب سرور و هو فى اوج مجده فى العام 1932 الى السعودية
للعمل كسائق مع الملك فيصل بن عبد العزيز و مكث بها مايقرب
من الثلاث سنوات.
فى ربيع 1914 و بينما كان ابراهيم العبادى يتنزه فى شوارع
امدرمان سمع صوت راعى شاب يرعى قطيعا من الماعز و يغنى
من القلب رميات محمد ود الفكى فاعجب بصوته و قوته و عذوبته
و قرر ان يتعرف به فقال له " ان من يمتلك صوتا رائعا كصوتك لا
يجوز له ان يغنى لنفسه فقط و لقطيعه بل يجب ان يغنى للناس"
و كان هذا اكتشاف سرور.
يقول عاطف عبد الله:
"الحاج محمد أحمد سرور هو أول مغنٍ و أحد فُتوات أم درمان
وربما كانت فتونته غطاءً نفسياً لولوجه عالم الغناء وحتى يواجه
أي رأي بالقوة حول مسلكه أو التشكيك في رجولته، وكان
مشهوراً بحمله لعصا غليظة "كريزة" وأحياناً مسدس في
حفلاته ولا يتوانى في استخدامهما لو تعرّض للمضايقة حيث
في تلك المرحلة من مطلع القرن الماضي لم يكن ميسوراً
ظهور رجل مغني، عدا المتنسونين من الرجال وذوي الأصول
والأنساب المشكوك فيها، وذلك قياساً للضوابط الاجتماعية
والثقافة العروبية التي كانت سائدة بين الأسر المستعربة،
وهو أمر له جذوره التاريخية القديمة منذ الدولة الأموية والدولة
العباسية، حيث كان الغناء والتطريب وظيفة الجوارى والمخصيين
من الرجال، لذا كان أولئك الرواد الذين أسسوا للغناء السوداني
الحديث أبطالا حقيقيين في نضالهم لإثبات رجولتهم من جهة،
ومن جهة أخرى صحة ما تخيروا عندما قرروا حمل عبء نشر
لواء الفن الجديد هاوين غير محترفين، متطوعين غير مأجورين.
و يقول عاطف فى جزء آخر من مقاله:
"أما الغناء فكان فعلا أنثويا تختص به النسوة وليس كل النساء بل
اللاتي يأتين من أسفل السلم الطبقي الاجتماعي، من الجوارى
والخدم وأترابهن،"
(عاطف عبد الله-صحيفة السودانى، العدد 1014)
يؤيد ما ذهب اليه عاطف الكاتب معاوية ياسن فى كتابه السابق مما
يساعد فى فهم صعوبة ولوج فن الغناء و شجاعة سرور و صحبه
فى اقتحام هذا المجال حيث قال:-
" هناك ايضا نقطة مهمة ربما كان لها تاثيرها فى النظر الى المشتغلين
بفنون الغناء بازدراء و عدم توقير فالملاحظ ان كثيرا من الذكور من
مطربى الغناء بمصاحبة آلة الدلوكة الايقاعية كانوا اما من "المخصيين
" او "المخنسين" و الارجح ان هذه الظاهرة موروثة منذ دخول العرب
للسودان.
انتهى
سرور كان فنانا مجتهدا مكدا ذو مزاج خشن و روح مكافحة و يرجع
سر تفوقه الكبير إلى حفظه للقران الكريم و تجويده ثم غنائه
للقصائد و المدائح النبوية في فجر حياته و رعاية ابراهيم العبادى
له في تدريبه على حسن الاداء مما جعله يحسن مخارج و تستقيم
لها موسيقى اللغة العربية و الشئ المميز الذي صاحب مسيرة
سرور هو ايمانه بالتطور فكان يحاول دائما تقديم الجديد لمستمعيه.
ألقابه:
العبادي هو الذي أطلق علي محمد احمد لقب "سرور"
عندما قابله في اليوم الذي اعقب حفل زواج بشير الشيخ
فصار اللقب ملازما له طوال حياته
.
لقب عميد الفن السوداني اطلقه عليه الأمير عمر طومسون
باشا إبان زيارته للسودان عام 1934 و في معيته وفد ثقافي
مصري و قد قلده طومسون نيشانا اعترافا بابداعه .