وقد استقر حب الوطن في نفوس هذه المخلوقات كافة منذ بدء الخليقة وبات الدفاع عنه قاموساً للفخر وميداناً لبذل المهج ومسرحاً للفداء وإن عزت الحياة , يقول الجاحظ في رسالة الحنين إلى الأوطان :" كانت العرب إذا غزت أو سافرت حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه ",وليس ضرورياً أن يكون الوطن جنة الله على الأرض لنحبه فقد يكون أرضاً قاحلةً أو ميداناً ترتع فيه الأعاصير والفيضانات أو الغبار فعندما خرج الرسول (ص ) من مكة المكرمة مكرهاً قال " والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " .
والوطنية هي انتماء فريد وإحساس يرقى بصاحبه إلى شرف التضحية بالمال والدم والروح ممزوجة هذه التضحية بلذة وإقدام.
ولكن هل يعرف الوطن حقيقة حب أبنائه له؟ والإعلان عن حب الوطن ليس بعذب الكلام فقط وإنما بالأفعال فالوطن بحاجه لسلوك عملي من أبنائه يدل ويبرهن حبهم وتمسكهم به.
وديون الوطن وحقوقه علينا جمة ومن حق الوطن علينا أن نمنحه خالص الولاء له ولولاة أمره والمحافظة على أمنه واستقراره فكل مواطن منا هو خفير للوطن ومن حقه أيضاً علينا المحافظة على ممتلكاته وثرواته ولا ندع فرصة لمن يحاولون زعزعة الثقة بين القيادة والشعب ممن يسمون أنفسهم المعارضة في الخارج أو الأحرار أو حسب ما تسميهم الجهات الداعمة لهم ممن يريدون النيل من وحدتنا الوطنية أذناب الغرب.... ولكن هيهات فشعبنا تعوّد منذ الأزل ألا يستمع لزاعق أو ناعق فهذا النسيج السوري وتصاهر الشعب مع بعضه في بوتقة الوطن الواحد وخلف قائد مسيرة التطوير والتحديث هما اللذان جعلاها قلباً نابضاً بلا توقف .
وإذا سلمنا بأن حب الوطن فطري وغريزي فمن المؤكد أن التعبير عنه اكتساب وتعلم ومهارة، فهل قدمنا لأطفالنا من المعارف ما ينمي عندهم القدرة على الإفصاح عمليا عن حبهم لوطنهم؟والدليل على ذلك أن هذا الحب يختلف من شخص لآخر , لذلك علينا أن نؤمّن لأطفالنا المعارف و العلوم والأفكار و القصص ما ينمي القدرة على التجسيد العملي لحبهم لوطنهم فنعلمهم أن مصلحة الوطن فوق كل المصالح و المحافظة على بيئته ومنشآته و مرافقه العامة ونزرع في نفوسهم مبدأ الالتزام بأنظمة وقوانين وطننا.
كما علينا أن ننمي فيهم أخلاقيات التعاون والتشاركية لنحمي وطننا من أمراض الشتات والفرقة ونعرّفهم بأن حب الوطن يتجلى في الدفاع والذود عن حياضه والمحافظة على مكتسباته قولاً مقروناً بالعمل وعدم إتاحة الفرصة للحاقدين والحساد للنيل منه مهما كان الثمن.
فنحن بأمس الحاجة إلى ترسيخ عقيدتنا ومبادئنا في برامج التربية ومناهجها وتأجيج الوطنية وحب الوطن ابتداءً من الأسرة التي تزرع المثل العليا والقيم السامية والإحساس الوطني في نفوس أفرادها النشء وانتهاء بدور وزارتي التربية و الإعلام التي يجب أن تركزا على التربية الوطنية في المدارس والبرامج الإذاعية و التلفزيونية في ظل المد العولمي المهدد للسيادة الوطنية وهذا يحتم أن تكون الوطنية سلوكاً وليس قولاً ابتداءً من البواب وانتهاء بالمدير الذي يحتم بدوره على المدرسين والمدرسات ممارسة الوطنية أمام التلاميذ لأن التعلم في الصغر كا لنقش على الحجر وكذلك حثهم على التمسك بمبادئ المجتمع المتمدن من خلال:
وجوب طاعة القائد فالله تعالى في محكم تنزيله يقول " يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " فبطاعة ولي الأمر تنتظم أمور الوطن وأحواله فيكون التماسك والأمن والاستقرار .
التركيز على مقومات المواطنة الصالحة وتربية المواطنين كما أسلفنا على أن كل واحد منهم رجل أمن في مكانه و عليه مواجهة الشائعات و الأفكار الهدامة والمفسدين والإشارة إلى المشبوهين.
نشر الوعي الوطني وتعزيز الثقافة الوطنية بالتركيز على أهمية وطننا عربياً وافريقياودولياً
حثهم على الحفاظ على ثروات هذا الوطن ومؤسساته و أجهزته ومشروعاته
عدم توفير أي جهد للمحافظة على سمعة وطننا التي يحاول البعض النيل منها وتصويره بما ليس فيه.
الوطن والقائد والشعب مثلث تساوت أضلاعه فالوطن بدونه لايكون قائد ولاشعب , ولولا القائد لما كان الوطن والشعب حرّين وبسلامته يسلم الوطن والشعب ولولا الشعب المحب لوطنه , المخلص لقائده لما كان هذا المثلث قوياً صامداً في وجه من يحاول النيل من أحد أركانه .