كبوشية مدينتى ...وادى عبقر السودان
--------------------------------------------------------------------------------
كبوشية.. قرية تحمل اسما يقترب من كلمة (كوشية) كما تقترب هي من عاصمة دولة مروي القديمة (البجراوية)، والتي لا يزال الباحثون يكتشفون الجديد من مظاهر عظمتها، بل يؤكدون أنها أعظم الدول في زمانها على ظهر الأرض.. حيث نبتت الحضارة وانطلقت شمالا، مع مجرى النيل.. لتبلغ ذروتها قرب الدلتا..
كبوشية الحديثة.. تعتبر منبت الفن في السودان، فن الغناء، وهذه حقيقة لا ينكرها عارف..
فالمؤرخين للأغنية السودانية، أكدوا أنها خرجت من رحم الحقيبة، التي خرجت بدورها من رحم أغنية كبوشية.. والتي اصطلح الناس على تسميتها أغاني الطمبارة..
فقد غزا الخرطوم/أمدرمان قبيل المهدية وبعدها مجموعة من أبناء كبوشية، على رأسهم الغناي الحسن ود سالم بأغنياته التي يترنم بها على إيقاع (العصا) وكرير الطمبارة.. والفنان محمد ود الفكي وتتلمذ عليهما مجموعة من الفنانين و(الشيالين) كان من ضمنهم سرور وعبد الله الماحي (ابن كبوشية)..
وأغاني الطمبارة، هي ما يعرف اليوم بالرميات.. والتي اشتهرت منها رمية (نايرات الوجن)، والرمية الأخرى التي وضعتها الإذاعة كمقدمة لبرنامج الحقبة.
وسأحاول تذكر بعض أبيات أغنية/رمية نايرات الوجن التي تقول:
نايرات الوجن
تومي
متين يجن؟
...
نام الخلوق
والليلِ جَنْ
مرسالي جا.. وقال لي جن
قعدن معاي .. ساعتين.. رِجن
ساقن حبيبي وعرّجن..
تومي.. متين يجن!
...
أصبحت حايربي الدليل
كايس لماك.. ما لقيت دليل
كاتلاني.. عندي عليك دليل
حاجبيكِ.. صاد ود الدليل..
.. إلخ
والأغنية تروي شعور العريس في ليلة الدخلة، وقد كانت العادة أن تأتي بعض الفتيات بالعروس إلى غرفة العريس ليجلسن معه لفترة، ثم يأخذنها ليعدن بها..
وهنا يروي العريس شعوره وهو في انتظار قدوم العروس مع رفيقاتها.. (نايرات الوجن.. تومي.. متين يجن) أي (يا تومي)..
ثم يخبر أنه أرسل أحدهم وعاد إليه يبشره بأنهن آتيات، ثم جلوسهن معه وأخذهن العروس (ساقن حبيبي وعرجن)..
ويستمر في وصف حالته عندما أصبح وهو محتار.. (أصبحت حا يربي الدليل...)
وقد وصف حاجبيها بـ (صاد) ود الدليل.. ويقال أن ود الدليل خطاط.. فهو يصف الحاجبين
بحرف الصاد الذي يخطه ود الدليل..
وهذه هي الرواية التي يتداولها البعض، وربما تكون المسألة مجرد (حلم)..