قال تعالى: { يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } [البقرة : 269] .
يحكى أنه في مدينة ما كان يأمرها أمير امتاز بالعطف والرحمة, محبوب ويقدر رعاياه ويقدروه, غير أنه كان ثمة رجل فقير ومعدم, جعل دأبه وديدنه ذمَّ الأمير, والتشهير به,
وتحريك لسانه فقط في كل مايسيء للأمير, وكان الأمير يعلم بذلك, ولكنه ظل صامتاً
صابراً لا يحرك في شأنه ساكناً.
وأخيراً خطر بباله أن يضع له حداً, وأرسل له في ليلة من ليالي الشتاء خادمه, وحمّله بكيس من طحين, وعلبة صابون, وقالب سكر.
وأنطلق الخادم للبيت الرجل وقرع بابه, ففتح له الرجل فبادره الخادم قائلا: (بعث لك الأمير
بهذه الهدايا, علامة تذكار ودليل رعاية).
وشعر بالزهو, وأخذه العجب بالكبرياء, إذ يحسب هدايا الامير تكريم له, وذهب في نشوة الكبر
إلى أحد أصدقائه وأخبره بما فعل الأمير قائلا:
ألا ترى كيف يطلب الامير رضاي؟
ولكن صديقه قال له: إيه ما أحكم الامير, وأقل فطنتك
إنه يتكلم بالرموز.. الطحين لمعدتك الفارغه, والصابون لقذارة سريرتك, والسكر ليحلوا لسانك المر.
الشاهد في القصة هي الحكمة, التي وهبها الله لأشخاص معينين في الحياة, لكن هذا لا يعني ان تخلوا
ولا نجدها إلا قي القليل, في رأيي ان الله وهب نفس كل إنسان قدر من الحكمة, ربما يتفاوت بين البشر,
ولكن في ظني أنه يحتاج للفت النظر إليه من قبل أنفسنا التي نغفل عنها أحيانا
هو موجود ويحتاج منا لصقله, والتمكن منه, بالقراءة, والكتابة, والتعامل مع الناس.
واجهنا مواقف كثيرة في حياتنا, وسنواجه, وسمعنا عن مواقف, وعايشناها..
أستغربنا, وتعجبنا ربما من مواقفنا فيها, ومن مواقف غيرنا, وكانت الحكمة سيدة الموقف..