{ 5 } إلى أخي في {الله}خادم الحرمين الشريفين عبد {الله} بن عبد العزيز آل سعود
السلام عليكم ورحمة{ الله} وبركاته
بالإشارة إلى ما نشر في جريدة الشرق الأوسط العدد 9430 وتاريخ 8 من شهر{ الله} المبارك شعبان سنة 1425هـ الموافق 22 سبتمبر(أيلول) سنة 2004م , قولكم الكريم الذي يشعّ نورا ويفتح أبواب أمل الخلاص للإنسانية جمعاء ويشيع الأمن والاطمئنان والسلام في النفوس التي أرهقتها ويلات الإكراه في الدين والارهاب والكبت والقهر والاستبداد.
وما أعظمه من قول كريم وما أشد ما تكون حاجة الإنسان المعاصر لتطبيقه والعمل على ضوء الأنوار المنبعثة عنه.
ذلكم قولكم الذي خاطبتم به أعضاء المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي:
( يا أخوان إنكم من أبناء الإسلام الحقيقيين والواجب عليكم دينكم الذي فوق كل شيء , وأخلاقكم وجمع شمل الأمة الإسلامية جميعاً بفئاتها ومذاهبها ) – ( لابد أن تجتمعوا والحوار ليس فيه إلا خير لكم وللإسلام والرب عز وجل أمرنا بالتلاحم والاتفاق , وأنا لا أريد أن أعرفكم على الإسلام فهذا إسلامكم وعقيدتكم , ولكن ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين , قال {الله} تعالى :
{ ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعاً
أفأنت تُكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين}
[99 يونس]
وقال تعالى:
{ ولو شاء الله لجعلكم أمّة واحدة
ولكن يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء
ولتُسئلنّ عمّا كنتم تعملون }[ 93 النحل]
وقال تعالى:
{ إنك لا تهدي من أحببت
ولكنّ الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين }
[ 56 القصص]
وقال تعالى:
{ ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء }
[272 البقرة]
(إنتهى)
هذا هو قولكم بلسان عربي فصيح, فالحمد {لله} من قبل ومن بعد أن وفقكم وأجرى على لسانكم هذا القول المبين الذي لا يسعنا أن نزيد عليه إلا الذي قاله {الله} تبارك وتعالى:
{ أدع إلي سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالّتي هي أحسن
إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين }
[125 النحل]
وقوله تبارك وتعالى وتقدست أسماؤه:
{ لا إكراه في الدين
قد تبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله
فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها
والله سميع عليم }
[256 البقرة].
{الله} أكبر {الله} أكبر {الله} أكبر
إن هذا لهو الفهم الصحيح الذي يجب أن يكون عليه الرجل المعاصر لدين {الله} الإسلام الحق.
وبهذا القول العظيم ينفتح باب السلام لجميع العالمين فيدخلون في دين {الله} الإسلام أفواجا. ذلك لأنهم سيجدون رحمة {الله} التي وسعت كل شيء فاتحة ذراعيها للجميع , لا ترد أحداً ولا تكره أي كان.
وتشرئب الأعناق تطالع ما بداخل الحضن الحنين فترى الرجل الأمين محمد بن عبد {الله} عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم , باسطاً كلتا يديه الشريفتين الكريمتين يقول لهم :
( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه
ما يحب لنفسه .
ولا يؤمن أحدكم حتى
يكون هواه تبعاً لما جئت به )
هذا الحديث الشريف العظيم لهو جوامع الكلم المبين.
هذا الحديث العظيم يقول بصريح العبارة التي لا تحتاج لإعمال فكر في الاجتهاد ولا لقدح قريحة للتأويل . يقول :-
1- يا صاحب السلطة والصولجان ما أنت بمؤمن ما لم تحب لأخيك ما تحب لنفسك من جاه وسلطان.
والسؤال هنا : كيف يكون ذلك ؟
والجواب مبذول و حاضر :-
أن تتقاسم معه السلطان
ويقوم سؤال آخر : وهل يمكن أن يتقاسم الأخوان السلطة ؟
والجواب :- أي نعم , يمكن أن يتقاسم الناس , جميعهم السلطة . يتشاركون فيها فيكون لكل واحد منهم الحق في السلطة.
وبطبيعة الحال , لا يكون الناس كلهم جميعاً سلاطين وحكام وإنما هم يختارون واحداً أو جماعة منهم يكلفونهم بتمثيلهم على سدة الحكم.
وذلك لا لحكمهم والتسلط عليهم وإنما لإدارة شئونهم الحياتية, لا يعصمهم عن الإقصاء و التنحية من مناصبهم إلا التفاني في خدمة الجماعة والإخلاص والأمانة والصدق والإيثار وبعبارة جامعة : لا يعصمهم غير حسن الخلق وحسن المعاملة. وذلك هو الدين القيم.
قال محمد بن عبد {الله} عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( الدين المعاملة )
( الدين حسن الخلق
وحسن الخلق هو خلق{ الله} الأعظم )
2- يا أيها الغني صاحب الأموال ما أنت بمؤمن حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك من بحبوحة العيش .
ولعل هذه واضحة وضوح الشمس في كبد السماء . وهي تعني المشاركة المطلقة في خيرات {الله} ونعمه . فالأرض أرض {الله} والخير خير {الله} والخلق كلهم جميعاً عبيد {لله} الواحد الأحد مالك الملك له الحمد بيده الأمر وهو على كل شيء قدير.
فكما أن لكل الناس حق المشاركة في السلطة. كذلك لكل الناس حق معلوم في خيرات{الله} على أرض {الله} يتقاسمونها بالسوية ولا يكون لأحدهم حق وللآخر صدقة.
لا يكون لأحدهم حق امتلاك وسائل الإنتاج من مزارع ومصانع ومؤسسات مالية والآخر يفترش الأرض ويلتحف السماء مريضاً مشرداً جائعاً حتى الموت.
قال {الله} تبارك وتعالى الرحمن الرءوف الرحيم:
{ ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو }
[219 البقرة]
والعفو هو ما زاد عن الحاجة الحاضرة . وعن هذا قال محمد بن عبد {الله} عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:
( من كان عنده فضل زاد فليجد به على من لا زاد له
ومن كان عنده فضل ظهر فليجد به على من لا ظهر له )
قال الصحابي الكريم راوي الحديث [ ذهب النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم , يعدد في الفضل حتى ظننا أن لا حق لأحد في فضل .
فإن تم للناس كلهم جميعاً أن يدخلوا الحمى الأمين بين ذراعي رحمة {الله} الحليم التي وسعت كل شيء، يتشاركون السلطة والخيرات في مساواة مطلقة من كل قيود القهر والاستبداد والاحتكار والتمييز في الجنس والعرق والعقيدة , يكون قد آن أوان تحقيق العدالة الاجتماعية فيعيش الناس أحراراً إخوة على سرر متقابلين يقول لسان حالهم ولسان مقالهم :
{ الحمد لله الذي صدقنا وعده
وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء }
.
أخي الكريم عبد {الله}
إن النداء الذي أرسلتموه إلى كل مسلم لهو نداء الخير ينطلق من أشرف وأطهر بقعة على وجه الأرض ليعيد الزمان يستدير كهيئته يوم بعث {الله} محمد بن عبد {الله} عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم منادياً في الناس :
( يا أيها الناس كلكم لآدم وآدم من تراب .
يا أيها الناس لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى .
يا أيها الناس لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه .
يا أيها الناس إن المؤمن لا يكذب )
ولقد جاء نداءكم الكريم هكذا :-
( يا إخواني أنا أريد أن أحمل كل مسلم وأنتم في المقدمة , كل مسلم عليه أن يتحمل ما يحسن سمعة الإسلام, لأنه مع الأسف أبناء الإسلام شوهوا سمعة العقيدة الإسلامية , وهذا واجب عليكم كلكم , واجب على كل مسلم أن يدافع عنها بالتي هي أحسن وبالعقل وبالحقيقة )
{الله} أكبر {الله} أكبر {الله} أكبر . لقد جاء الحق المبين من ولاة أمر المسلمين من قلب الأرض حيث وضع أول بيت للناس:
{ إنّ أوّل بيت وُضع للناس لّلذي ببكّة مُباركاً وهدى للعالمين}
[96 آل عمران]
فلبيك يا عبد {الله} .
وإليـك سهـمي به عنـها أذود
فهي في رحلي و صميـم فؤادي
والسـهم من فهم مـن رب يجود
بالحسنى لا بسيف ولست إرهابي
ولكي نسعى لتحسين سمعة الإسلام لا يكفي أن نصرح بأن دعوة الإسلام تقوم على التي هي أحسن ونقرأ:
{ أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
[125 النحل]
وننسى أو نتناس أن نذكر قول {الله} تبارك وتعالى :-
*{ يا أيّها النبيّ جاهد الكفّار والمنافقين وأغلظ عليهم
ومأواهم جهنم وبئس المصير}.
[73 التوبة]
* { يا أيّها النبيّ حرّض المؤمنين على القتال
إن يكن مّنكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين
وإن يكن مّنكم مّائة يغلبوا ألفا
مّن الّذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون }
[65 الأنفال]
* { وأعدوا لهم مّا استطعتم مّن قوّة ومن رباط الخيل
تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم
وآخرين مّن دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم
وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يُوفّ إليكم
وأنتم لا تُظلمون }
[60 الأنفال]
* { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتّموهم
وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلّ مرصد
فإن تابوا وأقاموا الصّلاة وآتوا الزّكاة فخلّوا سبيلهم
إنّ الله غفور رحيم }.
[5 التوبة]
* { وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة
ويكون الدّين لله
فإن انتهوا فلا عدوان إلاّ على الظّالمين }.
[193 البقرة]
* { قاتلوا الّذين لا يؤمنون بالله
ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله
ولا يدينون دين الحقّ
من الّذين أوتوا الكتاب
حتّى يُعطُوا الجزية عن يد وهم صاغرون }
[29 التوبة]
يجب علينا ألا نتجاهل هذه الآيات الكريمة فهي أمر {الله} تبارك وتعالى وشريعته للجهاد بالسيف.
وبناء عليها يقوم أمر بعض أبناء الإسلام بما يقومون به في يومنا هذا من ترهيب وتقتيل للمسلمين الذين ليسوا على مذهبهم ولغير المسلمين باعتبارهم الكفرة الفجرة.
وفي نفس الوقت نطالع كلمات {الله} تبارك وتعالى التامات حين يقول جلّ وعلا :
* { أدع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة
و جادلهم بالّتي هي أحسن
إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين }
[125 النحل]
* { ليس عليك هداهم ولكنّ الله يهدي من يشاء
وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلاّ ابتغاء وجه الله
وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون }
[272 البقرة]
* { إنك لا تهدي من أحببت
ولكنّ الله يهدي من يشاء
وهو أعلم بالمهتدين }
[56 القصص]
* { لا إكراه في الدّين
قد تّبيّن الرّشد من الغيّ
فمن يكفر بالطّاغوت ويؤمن بالله
فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها
والله سميع عليم }
[256 البقرة]
* { ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعا
أفأنت تكره النّاس حتّى يكونوا مؤمنين}
[99 يونس]
* { الله خلق كلّ شيء وهو على كلّ شيء وكيل *
له مقاليد السماوات والأرض
والّذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون }
[63 الزمر]
* { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم
ألاّ نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً
ولا يتّخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله
فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون }
[64 آل عمران]
* { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلاّ بالّتي هي أحسن
إلاّ الذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم
وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون }
[46 العنكبوت]
* { وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أًنزل إليكم وما أُنزل إليهم
خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمناً قليلا
أُولئك لهم أجرهم عند ربّهم إنّ الله سريع الحساب }
[199 آل عمران]
بهذا يجد المسلمون أنفسهم أمام معضلة استعصى حلها عند بعضهم فوقفوا حيث هم عند شريعة الجهاد في سبيل {الله} بالسيف.
وآخرين فتح {الله} عليهم وأنار بصائرهم فنادوا إلى الجهاد في {الله} بالحكمة والموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي أحسن .
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه علينا هو :- كيف يجوز لنا أن ننتقل من نصوص شرعية محكمة إلى نصوص قرآنية منسوخة .
والجواب في غاية البساطة موجود ومبذول في نصوص آيات {الله} المبينات, وفي حديث رسول {الله} الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
هنا نقتبس بعض ما جاء بكتابنا من سلسلة لسان العصر:
( دستور الإنسان المعاصر )
[ ولعل أن أول ما يجب علينا فهمه فهماً صحيحاً وبناءاً على المبادئ الأساسية القائمة على رحمة الرحمن التي وسعت كل شيء ؛ هو مسألة النسخ التي وردت في القرآن العظيم .
قال {الله} سبحانه وتعالى العليم الحكيم الخبير القدير:
{ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها
ألم تعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير }
[106البقرة]
قال المفسرون بأن النسخ : إلغاء للحكم . وبناء على ذلك استبعدت أحكام الآيات المنسوخة من مسوقات التشريع , وقامت القوانين الشرعية على ما هو حسن من الآيات واستبعد ما هو أحسن من الآيات . وهذا أمر كان مطلوباً فقد بُنيّ على الحكمة الحكيمة التي راعت حكم الوقت فيما سبق . قال النبيّ محمد عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم:
( نحن معاشر الأنبياء أُمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم )
وإن نحن عرضنا ما سلف من فهم للنسخ بأنه [ إلغاء ] على ميزان أسرار الأُلوهية ؛ لعرفنا أن النسخ إنما هو[ إرجاء] وليس إلغاء.
تعالى {الله} عن تغير أحكامه علواً كبيرا .
آيـات {الله} كلها حسنة ولكن بعضها أحسن من بعـض .
قال تعالى :
{ واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم
من قبل أن يأتيكم العـذاب بغتة وأنتم لا تشعرون }
[55 الزمر]
وبناءاً على حكم الوقت وعدم استعداد قدر العقل على استيعاب الأحكام الواردة في أحسن ما أُنزل من آيات ، قام التطبيق على الحسن وتم إرجاء الأحسن حتى يحين حينه . حين يكون العقل البشري مستعداً للفهم وقادراً على الإدراك والتطبيق للوسائل المحققة لفعاليات المستوى الأحسن من قانون سنة {الله} في خلقه.
وقد جاء هذا الحين الآن. وعدم إتّباع الأحسن و الشروع في تطبيقه حسب حكم الوقت الحاضر يؤدي حتماً إلى شل تطور العقل البشري وهذا ما هـو حادث الآن من أمر المسلمين.قال تعالى:
{ فإذا انسلخ الأشهُرُ الحُرُم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم }
[5 التوبة]
هذه من الحسن من الآيات، فهل نحن مأمورون في هذا اليوم الذي نحن فيه أن نطبّق هذه الآية الكريمة !؟ . أم انه واجب علينا أن نسعى لتطبيق الآية الأحسن , والتي كانت مما اعتبر منسوخا في سالف الوقـت ألا وهي قول {الله} تبارك وتعالى:
{ أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن
إنّ ربّك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله
وهو أعلم بالمهتدين }
[125 النحل]
الجهاد في سبيل {الله} من أسمى ما يُتقرب به إلى {الله} . ولقد أُمرنا أن نعد له ما استطعنا من قوة . ولقد أعددنا وبتوفيق {الله} فيما سلف كل المتاح حينئذ من قوة الخيل والسيـف والرمح : فغلبنا أقوى الأمم ونشرنا الإسلام في بقاع الأرض.
تلك كانت القوة الفاعلة في ذلك الوقت . القوة الفاعلة التي نتج من استعمالها إحياء الناس حياة كريمة فهل لنا اليوم أن ننتصر بما هو متاح لنا من قوة السلاح !؟
وإن نحن استعملنا هذا السلاح الذي نملكه ونعرف كيف نستخدمه وعلى قمته السلاح النووي فهل ستسفر المعركة عن منتصر ومنهزم !؟ أم أنها الإفناء للبشر !؟ لقد استُعمل السلاح فيما سلف لخير البشرية وإسعادها وإحيائها حياة طيبة آمنة .
فهل يمكننا بسلاح يومنا هذا أن نوفر ذلك للبشر !؟. هذا لعمري أمر لا تنكره العقول السليمة.
الأمر لإعداد القوة للجهاد في سبيل {الله} ما انفك قائماً.
والقوة الفاعلة اليوم وبحكم الوقت الحاضر هي قوة العلم والمعرفة المسبوكة على نار المحبة الصادقة:
{ إنّي آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس
أو أجد على النار هدى }
هي قوة حجة البيان والمنطق السليم.
هي قوة النموذج الطيب وحسن الخلق ، فالدين المعاملة والدين حسن الخلق . وما نشاهده اليوم من أدعياء الدعوة للدين الذين شهروا السلاح في وجه الإنسانية فقتلوها وأرهبوها وزعزعوا أمنها واستقرارها ثم لم يفلحوا ألاّ تكون فتنة ، وأن يكون الدين {لله}.
إنّما نشاهد ونشهد أن {الله} سبحانه وتعالى يضرب لنا الأمثال لبطلان اتخاذ قوة السيف والمدفع للجهاد ووجوب الدعوة إلى سبيل {الله} بالحكمة والموعظة الحسنة.
قال تعالى:
{ أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن
إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين }
[125 النحل].
{الله} سبحانه وتعالى هو الهادي وهو الّذي يُضل وليس لأحد من الأمر شيء . قال يخاطب نبيّه الكريم بعد ما أمره ليقاتل الناس حتّى يشهدوا {ألاّ إله إلاّ الله} وأن محمدا رسول {الله} ويقيموا الصّلاة ويُؤتوا الزكاة ويصوموا رمضان ويحجوا لمن استطاع إلى ذلك سبيلا ؛قال له:
{ ليس عليك هداهم ولكنّ الله يهدي من يشاء }
[272 البقرة]
وقال جلّ وعلا:
{ ذلك هدى الله يهدي به من يشاء
ومن يُضلل الله فما له من هاد }
[36 الزمر]
{ ومن يُضلل الله فلا هادي له }
[186 الأعراف]
ولقد كان الرسول الكريم صلى {الله} عليه وسلم يقول عقب الرجوع من الغزو:
( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر . ألا وهو جهاد النفس )
القوة الفاعلة اليوم هي قوة العلم والفكر والخلق الحسن . قال عليه الصلاة والسلام:
( تخلقوا بأخلاق{ الله} إن ربي على صراط مستقيم )
أفلم يطالع هؤلاء المجاهدون بالقنابل والمتفجرات :
آيات {الله} المبينات أم أنهم لم يسمعوا بأقوال النبي الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، الذي أُرسل رحمة للعالمين !؟
لقد قتلوا النساء والأطفال الأبرياء باسم الدين والدعوة إلى سبيل {الله}.
أم لم يطّلعوا على قول الرحمن الرحيم العزيز الجبّار القادر المقتدر:
{ من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّه
من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض
فكأنّما قتل النّاس جميعا
ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعا
ولقد جاءتهم رسلنا بالبيّنات
ثمّ إنّ كثيرا مّنهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون }
[32 المائدة].
أخي في {الله} عبد {الله} آل سعود ,
فليحفظكم {الله} ويطيل في عمركم حتى تشهدوا الاستجابة لندائكم العظيم وذلك حين يتعقل المتخلفون فيلحقوا بركب المحبة والمودة والسلام.
حين يقف المسلمون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. و كما ذكرتم:
( جمع شمل الأمة الإسلامية جميعاً بفئاتها ومذاهبها )
أقول قولي هذا وأستغفر {الله} لي ولكم وأدعوه تبارك وتعالى أن يكشف عنا الكرب وأن يهدينا ويهدي جميع الناس فندخل ويدخلوا في دين {الله} الحق الإسلام أفواجا.