خمسون عاماً مضت على انطلاقة أول بث لتلفزيون السودان.. شهد ميلاد تلك اللحظات التاريخية عدد من كوادر ابناء الوطن الذين أسسوا التلفزيون، ومازال عدد منهم حتى اليوم يواصل مسيرة العطاء من خلف الكواليس.. الاستاذ عبد القيوم خضر من الرعيل الاول الذين عملوا بالتلفزيون القومي منذ تأسيسه في عام 1962م، بعد ان خضع لعدة دورات تدريبية في مجال «فن الصوت والصورة»، وواكب التطور التقني الذي شهده التلفزيون خلال السنوات الماضية، ومازال حتى الآن يعمل في مجاله محققاً خمسين عاما من الخبرة.. جلسنا اليه في حوار الذكريات وخرجنا بهذه الحصيلة:
٭ أولى خطواتك الى مبنى التلفزيون؟
ــ كان ذلك في أوائل الستينيات من القرن الماضي، وكان يقود التلفزيون حينها بروفيسور علي شمو، وبدأ العمل بالتلفزيون مستعينا بعدد من الكوادر من الإذاعة القومية والانتاج السينمائي، وولجت الى العمل بالتلفزيون بعد ان تلقيت عدداً من الدورات التدريبية بالتلفزيون المصري، وتخرجت في معهد ضباط اللاسلك بالقاهرة.
٭ من كان معك من الرعيل الأول في مجال فن الصوت والصورة؟
ــ كان معي عدد من الزملاء الذين التحقوا بالتلفزيون، من بينهم كبير المصورين أحمد أحيمر والصادق خالد ومحمد علي رضوان والفاتح الزين وسليمان بركة وعدد من الفنيين، وكنا أول فنيين متخصصين في مجال فنيات الصورة والصوت، وتلقينا تدريباً على أيدي مختصين في مجال تقنيات الصورة.
٭ ما هي الصعوبات التي واجهتكم في بداية العمل بالتلفزيون في الستينيات؟
ــ في البدايات واجهتنا صعوبات لعدم توفرالإمكانيات وعدم تطور الأجهزة المستخدمة بالصورة الحالية، وكان العمل الفني حينها يتطلب جهداً يدوياً أكثر، ومما زاد المعاناة أن البث كان مباشراً بالتصوير السينمائي الذي كان يعتمد عليه التلفزيون في ظل عدم تسجيل المواد.
٭ هل اختفت متعة العمل اليدوي اليوم في ظل التطور التقني؟
ــ التلفزيون حقق طفرة تقنية، وخضعت كوادره الفنية لعدد من الدورات التدريبية داخليا وخارجياً، وواكبوا تطور الأجهزة التقنية، وحقيقة العمل اليدوي كان يتيح لنا إظهار المواهب والقدرة على تنفيذ العمل برؤى مختلفة.
٭ التطور الذي تحدثت عنه في مجال تقنية الصورة هل جعل من شاشة تلفزيون السودان شاشة منافسة خارجياً؟
ــ الأجهزة الموجودة حالياً في تلفزيون السودان من أحدث الأجهزة المستخدمة في كافة المجالات، وبالتالي ما يقدمه التلفزيون السوداني يعتبر بكل المقاييس منافساً خارجياً ولا يقل جودة عما تقدمه كل القنوات التي نشاهدها حالياً.
٭ الجيل الحالي من الفنيين هل استفاد من خبراتكم السابقة في مجال فن الصوت والصورة؟
ــ الجيل الحالي من الفنيين بالتلفزيون جيل طموح، واتمنى ان يتاح له مزيد من فرص التدريب بالخارج بصورة أكثر من المتوفرة حالياً.
٭ من هم المذيعون الذين عاصرتهم خلال تلك الحقبة؟
ــ عمل بالتلفزيون خلال تلك الحقبة عمالقة المذيعين من أبرزهم: حمدي بدر الدين وحمدي بولاد وأحمد سليمان ضوء البيت ومحمد طاهر، وصفية الأمين أول مخرجة سودانية، ورجاء أحمد جمعة أول مذيعة سودانية.
٭ أبرز البرامج التي عملت عبرها خلال الستينيات والسبعينيات وشهدت انطلاقة تجربتك في التلفزيون؟
ــ عملت عبر عدد من برامج المنوعات والنشرات الاخبارية، وأذكر منها برنامج «تحت الأضواء» من تقديم: حمدي بولاد، وعدداً من برامج الأطفال، وبرنامج «صور شعبية» من تقديم الطيب محمد الطيب، وبرنامج «لقطات» للأستاذ فريد عبد الوهاب و«فرسان في الميدان» الذي كان يقدمه المذيع حمدي بدر الدين.
٭ من خلال متابعتك للقنوات الفضائية المختلفة هل تتلمس مواضع الضعف والقوة في فنيات الصورة بتلفزيون السودان؟
٭ في مجال المنافسة لا يمكن لأية قناة فضائية التوقف عن التطور، بل تمضي رافعة شعار التحدي والتقدم والتطور والمنافسة لتحسين صورتها وجذب المشاهدين وتجديد البرامج.
٭ الى أي مدى استفاد التلفزيون من الرعيل الأول من كوادره الفنية؟
ــ الشيء المؤسف أن هناك عدداً من الكوادر الفنية هاجرت خارج الوطن ونالت خبرات من الخارج، ونالت بعملها في الخارج خبرات جيدة، وأعرف العديدين منهم عادوا إلى الوطن، واتمنى من ادارة التلفزيون الاتصال بهؤلاء الكوادر لكسب خبرتهم لتعليم الجيل الحالي، وذلك بفتح مركز تدريب فني متخصص تابع للتلفزيون تديره هذه الكوادر.
٭ هل انت راضٍ عما قدمت عبر التلفزيون باعتبار أن فنيات الصورة الحالية تعبر عن هوية السودان؟
ــ نحن بوصفنا فنيين ومنفذين نسهم في تجميل الصورة والصوت، ومازلنا نسعى لايجاد جودة اكثر من الموجودة لتجويد كل من الصورة والصوت، وتعبر عن تطور السودان تقنيا وفنيا في مجال الإعلام، وأقيم عملي في التلفزيون من خلال وجهة نظر الزملاء والاسرة، الى جانب وجهة نظري الخاصة بتقييم العمل ومعرفة مواضع الضعف والقوة.
٭ طالعنا عدداً من الآراء مشيدة بجهد التلفزيون في التغطيات الخارجية.. ولكن حدثنا عن الجهد خلف الكواليس الفنية؟
ــ الحق يقال ان الجهد الذي بذله كل العاملين في التلفزيون في تغطية المناسبات والفعاليات كان عملاً ممتازاً حقق إشادة على مستوى محلي وعالمي، وقدم الإخوة بالتلفزيون في مختلف الادارات والمجالات عصارة جهدهم، واستطعنا في التلفزيون ان نعبر هذه الفترة بامتياز بالنقل والتغطية من داخل وخارج العاصمة والحدود، وتعتبر تجربة تستحق عليها كوادر التلفزيون الاشادة والتقدير.
٭ عملت في التلفزيون لما يقارب الخمسين عاماً.. هل دفعك ذلك إلى أن تدعم مسيرة ابنك المذيع بتلفزيون السودان أحمد عبد القيوم؟
ــ لا يمكن للإنسان أن يؤدي عملاً ممتازاً ما لم تكن له رغبة فيه.. وهذه الرغبة تضمن لك الاستمرار في العمل إذا ما صاحبها التدريب.. وحقيقة لم أجبر ابني او أتدخل في ميوله ورغباته، وعمله بالتلفزيون القومي مذيعاً جاء نتيجة لاجتيازه كافة الاختبارات، وأقدم له بعض التوجيهات بوصفي مشاهداً فقط.
٭ التلفزيون القومي مقبل على الاحتفال بعيده الذهبي ونراه الآن يعد العدة لذلك.. ما هي رسالتك للتلفزيون في عيده الخمسين وانت من مؤسسيه؟
٭ أنا سعيد جداً بالتطور الذي حقه التلفزيون طيلة الخمسة عقود الماضية، وأتمنى أن يقوم التلفزيون بافتتاح أكثر من قناة متخصصة في كافة المجالات، وأن يكرَّم الجيل الأول من الكوادر التي عملت به طيلة السنوات الماضية، وأطمح إلى أن ينشئ التلفزيون معهداً للتدريب مختصصاً في كافة المجالات الادارية والهندسية والفنية