في الرصيف مستني- ولي الثواني بحاسب

كتب الاستاذ خالد علي محجوب المنسي في سودانيز اونلاين عن سيرة الفنان / عثمان الشفيع. وسوف اقوم بنشرها كاملة ان شاء الله

كنت قد نثرت بعض من ثمر لشجرة وارفة في سيرة الفنان الرائع
عثمان الشفيع
كما يحلو لنا نحن أهل شندي تسميته عثمان ود معزة وكان يعزها كثير عليه رحمة الله
وهي الوالدة والتي خلّف ذكرى اسمها في نور عينة المهندسة معزة ( ابنته )
لكن رأيت أن نخصه ببوست
وقد أحمل في معيتي كتاب كتبه الكاتب الجميل
نادر أحمد الشريف الحبيب
سوف نورد ما قاله الاستاذ نادر
للفائدة فقط للذين لم يقع هذا المطبوع في أيديهم

منقول من كتاب
الشاغل الأفكار
للاستاذ نادر أحمد الشريف الحبيب

قال:
ولد عثمان الشفيع بمدينة شندي حاضرة قبيلة الجعليين في عام 1924م
عمل والد بمهنة الخياطة ( ترزي ) لحياكة الملابس البلدية في سوق شندي
اسم والدته هي معزة وكانت تعني له شيئاً كثيرا خاصة بعد وفاة والده وهو في سن
صغيرة وهو أكبر أبنائه ولذا استمر في نفس المهنة وواصل العمل في الدكان كترزي يقوم بواجبه
نحو الأسرة

تزوج عثمان الشفيع مرتين
المرة الأولى في شندي تزوج من سيدة حسين أبورأس
وكان ذلك في عام 1969 ولم ينجب منها
ثم تزوج للمرة الثانية من في عام 1975
من نجاة عبدالله البادرابي من مدينة كسلا
وتوج هذا الزاج ببنتين هما :
الدكتورة ذكريات
المهندسة معزة

نواصل
في مدينة الحصاحيصا الأصدقاء الكُثر للشاعر القرشي
فهناك أبن خالته الفاضل الشفيع وهو نائب مأمور مركز الحصاحيصا
وكذلك صديقه نصرالدين السيد حِكمدار البوليس
من الحصاحيصا يشد الرحال إلى رفاعة بالضفة الأخرى وهناك صديقه
عمر قاسم امين ابن مدينة القطينة والدكتور علي أرو سفير السودان
بمصر

كان ما ذكرنا خط سير الشاعر الكبير محمد عوض الكريم القرشي
لزيارة الأحباب محنة والوصال ودا
وفي هذه الزيارت جادت قريحة الشاعر بالكثير وجميل من الأغاني
( تم تأليفها في جلساتهم تلك )
ويذكر الأستاذ نادر
أنه ذكر له أحد أصدقاء القرشي في تلك الفترة التاريخية
أن الشاعر القرشي وصل لمحطة ودمدني وهو في طريقه للخرطوم وكان معه
مراح من الأبقار سافرت بالبر إلى أمدرمان حيث يقوم ببيعها هناك للتجار المعروفين
في أم درمان ...
وفي أثناء وجوده في محطة مدني لمحه أحد الأصدقاء من اللذين يعيشون في ودمدني
وكان معه جمع من أصدقاء للشاعر
حلفوا عليه أن يمكث معهم اربعة ساعات فقط ويواصل السفر في القطار البعده
مكث معهم سبعون يوما
وسط اصرار الجماهير والأصدقاء وتمكن من بيع ابقاره عن طريق التلفون من ودمدني
وفي تلك السبعون يوما جادت القريحة باغنية
يا جديد
الهاجر
الحالم سبانا

ومن الأغاني الجميلة أغنية
عدتَّ يا عيدي بدون زهور
وهي أيضاً تعتبر من أغاني الاخوانيات وإن نظمها الشاعر في مرأة
هي تلك السيستر التي كانت تعاوده كل يوم صباحاً تطمئن على حالته وفي يدها باقة من الزهور
السيستر بدور
وكان أيامها الشاعر محمد عوض الكريم الرقشي طريح الفراش في المستشفى
غابت بدور أيام عيد في عطلة وفقدها الشاعر اللذي مازال طريح المستشفى
وكتب لها هذه الأغنية

وكتب الأستاذ نادر يقول
أن الشاعر محمد عوض الكريم القرشي يعتبر من رواد الشعر الوصفي ويظهر ذلك جلياً في الكثير من قصائده
( خداري ما بخلي ) فيها وصف دقيق للموقف الإنساني
أغنيات محمد عوض الكريم القرشي تلفت نظرنا إلى فلسفة الجمال ودراسة المؤثرات على النبوغ الفني والأبداع .
الفروض الفلسفية لمعاير الجمال وطبيعة العمل الفني تظل أساسية في كل أعمال الشاعر القرشي ..
وقد كان الجمال أحب الأشياء إلى الإنسان والحب ليس جميلاً ولكنه أكثر الكائنات رغبة في الجمال لأنه يهدف
إلى الخلق في الجمال
فالحب خالق في كل مجال فيه خلقَّ فني
والحب يهدف دائماً إلى الجمال حيثما وجد

ويواصل سرده الأستاذ نادر
قائلا :
فإن جمال الحديث والإتلاف وعذوبة الإيقاع إنما تصدر عن بساطة النفس ...
لا تلك البساطة التي هي أقرب إلى التفاهة
ولكن البساطة الحقة التي تعتمد على الخُلق القويم الذي يجمع بين الخير والجمال معاً
كان هذا خلاصة تفكير إفلاطون في الحب والجمال وما يتحدث عنه الناس بالحب الإفلاطوني
أما فن الشعر فهو أرقى درجة من فن التصوير لأنه يعبر عن المُثل العليا بواسطة الخيال الذي يجسد
التصورات عن طريق المفردة
فالشاعر الغنائي تغلب عليه الذاتية ....
كل هذه المداخلة أسبابها أن المتأمل في أغاني عثمان الشفيع ونظم الشعر عند القرشي يجد هه الجماليات
الفلسفية والذوق الرفيع الفني

في عام 1967 كان عثمان الشفيع مسافراً لمدينة شندي مسقط رأسه وحبائبه وكان السفر للعزاء
وبين ودبانقا وجبل جاري حدث الادث أن أنقلب اللوري الذي استقله للوصول لشندي
أصيب الفنان عثمان الشفيع بكسر في يده اليسرى وكان كسر أندهست فيه بعض عظام الذراع
لذا قرر الأطباء بتر اليد

منقول من كتاب الاستاذ نادي ( شاغل الأفكار )
كان ذاك الحادث مأساة كبيرة حزين لها الناس أجمعين وخاصة جمهور الفنان عثمان الشفيع
مكث الفنان عثمان الشفيع طريح الفراش في مستشفى الخرطوم ردحاً من الزمان تحت العلاج
وخاصة وهو كان يعاني من مرض السكري ...
كانت الفنانة مهلة العبادية ملازمة له في المستشفى طوال الوقت فقد كان صديقها ورفيق زوجها
عازف الكمان الشمهور أحمد حامد النقر

تجسدت تلك المأساة في عيون الكثيرين من محبي عثمان الشفيع واللذين أبدوا
تعاطفاً كبيراً لمحبوبهم الفنان الرائع الجميل عثمان الشفيع
ذلكم عثمان اللذي حملته هذه الجماهير يوما أن غنة وطن الجدود على أعناقها
وطافت به شوارع عواصم السودان الثلاث
تقرر سفر الفنان عثمان الشفيع للعلاج في ألمانيا
وتقرر أن تعمل لهعملية تركيب يد صناعة هناك
وفعلاً سافر الفنان عثمان الشفيع إلى هناك وتم علاجه وعاد للوطن بيدٍ صناعية
مكان يده اليسرى التي بترت

عاد عثمان الشفيع للوطن من ألمانيا
وهو أكثر ثقة وعادت له البسمة التي فقدها زمانا
وجاوا له مؤازرين كل أصدقائه من الوسط الفني يحثوه لمتابعة المشوار الفني
لكي ينسى المآسي التي مرَّ بها وكان على رأسهم الموسيقار الكبير بشير عباس
اللذي كان يصر أصراراً شديد على الشفيع أن يعود وأنه سوف يقوم بعزف العود له
وعاد الشفيع للغنا وأستقبله الجمهور السودان اللذي أحبه بكل ترحاب ومؤازرة

مع إصرار الأصدقاء لعودة الشفيع للفن والغنا كان ما تمنوا
وعاد عثمان الشفيع للساحة الفنية بكل قوة وأستقبله الجمهور
كما عهد بل أكثر رحابة وترحاب عاشق لفنه ومؤازر له في محنته
وفي هذه الفترة ظهر فنان في الساحة الفنية وهو الفنان خوجلي عثمان
عليه رحمة الله وكان يؤدي في بداية مشواره أغاني عثمان الشفيع
وكما أدياء الكثير من أغاني الشفيع في ثنائية رائعة في الأذاعة
التلفزيون ....

مرض الشاعر القرشي ( من كتاب أستاذ نادر شاغل الافكار )

كانت حقبة الستينات من أحصب الفترات التي جمعت بين الفنان عثمان
الشفيع والشاعر الجميل محمد عوض الكريم القرشي ...
إلا إن دوام الحال من المحال
فقد بدأ المرض يهد من حيل الشاعر ود القرشي اللذي أصيب بمرض الروماتزم المزمن
اللذي أحال حياته إلى جحيم لا يطاق
فقد قضى فترة طويلة للعلاج في الأبيض ثم جاء إلى البندر ( الخرطوم ) حيث كان طريح
القسم الجنوبي مستشفى الخرطوم( الثاوث بلوك )
لم ينقطع عنه يوماً سيل الزوار من كل فج قريب وبعيد
فقد كان رجل قبلة كل الأصدقاء والأحباب أين ما حلَّ
ومن نتاج القسم الجنوبي المستشفى كانت
أغنية جديدة وكما أسماها هو
( الثاوث بلوك )
عدت يا عيدي بدون زهور

كتب الشاعر محمد عوض الكريم القرشي هذه الأغنية في ظروف موحشة
المرض وكان مرضاً عضال أقعده وهو لم يتعود على ذلك
الوحدة أن صادفت ايام تلك أحد الأعياد والناس مشغولة بالعيد
ويقال أن سيستر كانت تزوره كل يوم حاملة معها الزهور واسمها بدور
فقدها أيام العيد ..حاول الاتصال بها عندما أعياه الشوق إليها لكن
دون جدوى ...
والأغنية مليئة بالعتاب التشفع لمن لم يراهم تلك الأيام سجل عثمان الشفيع
هذه الأغنية بالعود في الإذاعة وتغنى بها الفنان عبدالكريم الكابلي
الفنان علي إبراهيم
الفنان زيدان إبراهيم

عُدت يا عيدي بدون زهور
وين سمرنا وين اناس بدور
غابوا عني ......

سجنوني داخل قصور
قالوا عيان لشفاك ندور
ليتو لو عاد في المرور
يشفي دائي ويغمرني نور
غابوا عني .....

تلفونك بيك ما خبور
أقول أناديك أفشل أثور
يا حناناً فاض بي الشعور
كيف نسيتني وكُنتَّ بتزور
غابوا عني .....

نحن أهل الوفاء والشعور
وليه جزانا يكون صد وجور
لو بسرعة الأفلاك تدور
هوايَّ طاهر وخالد طهور

أين حُبي وأين البدور
خلدت أجيال وسكبتَّ در
بيَّ العيد يمر جوة سور
وهم في بهجة وهمفي سرور
غابوا عني .....

جاني يحمل باقة زهور
وقال حبيبي المنع الظهور
صرَّت اضحك كيف يا غيور
يكون علاجي سبب النفور
وغابوا عني ......

ملامـــــة
للشاعر محمد عوض الكريم القرشي

لحن الحياة مِنك
وماتقول نسينا الماضي وصرنا ناسنك
محبوبي الجميل ,,,,,
سألوني مين أنتَّ ،عرفتهم
أيه الصفات عنك ، خبرتهم
شافوا الجمال منك ،أقنعتهم
طوّلت لكنك أنا ياحبيب الروح
أعفيني من ظنك .....
ساقيني بإيدو كاسات الخمر
خاصنيني بي ريده في أوقات السحر
جالسني بي نفسه جنني وأسر
شاملني بنوره الكم أخجب قمر
بس تنسى كيفنك
وإنتَّ الوحيد بالذات
الكُنَّا ذاكرنك
محبوبي .. محبوبي الجميل

وفيما الملامة يا حبيبي
وكُلي هياما يا روحي
ويا من تعامي حبيبي
سلاماً سلاما يا روحي
وذكرى مُحب يا حبيبي
تموج في قلبي يا روحي
وإنت بقربي حبيبي
حياتي وحُبي يا روحي
وأهنا وان بعيد
ما كنا نساسنك
والحب العليك إزداد
غمر القلوب دنك

عاد الشاعر محمد عوض الكريم القرشي لأرض البلاد بعد فترة العلاج وأحتفل به اصدقائه
في الخرطوم ثم سافر للأبيض مسقط رأسه ولم يمض وقتاً طويلاً فوافته المنية في يوم
29/7/1969 وكان يوم زواج الفنان عثمان الشفيع
وكان عمره عند وفاته لايتجاوز السادسة والأربعون عاماً
كان يوماً حزيناً على الفنان عثمان الشفيع صديقه الحميم ورفيق مسيرته الفنية
ألا رحم الله الفنانيين عثمان الشفيع والشاعر محمد عوض الكريم القرشي وأكنهما فسيح جناته