ألاَ ليت شِعْري هل أبِيْتَنَّ لَيلةً |
بجنب الغَضَا أُزْجِي القِلاصِ النَّوَاجِياَ |
فليت الغَضَا لم يقطع الركبُ عَرْضَهُ |
وليت الغَضَا مَاشَى الرِّكِابَ لَيَالياَ |
لقد كان في أهل الغَضَا لو دَنَا الغَضَا |
مَزَارٌ ، ولكنَّ الغَضَا ليس دَانِياَ |
ألم تَرَنِي بِعْتُ الضلالة بالهدى |
وأصبَحْتُ في جَيْشِ ابن عَفَّان غَازياَ؟ |
وأصبحت في أرض الأَعَادِي بُعَيْدَما |
أراني عن أرض الأَعَادي قَاصيا |
تقول ابنتي ، لما رأت طول رحلتي |
سِفَارُكَ هذا تَاركي لا أبا لِياَ |
وبالرَّمْلِ مِنَّا نِسْوَةٌ لو شَهِدْنََنِي |
بَكَيْنَ وفَدَّيْنَ الطبيب الْمُدَاوِياَ |
فَمِنْهُنَّ أُمِّي وابنتاها وخالتي |
وجَارية أخرى تُهِيْجُ البَواكِياَ |
فلِلَّه دَرِّي يوم أَتْرُك طائعاً |
بَنِيَّ بأعلى الرَّقْمَتَيْنِ ، ومالياَ |
وَدَرِّ الظِّبَاءِ السَّانِحَاتِ عَشِيَّةً |
يُخَبِّرْنَّ ، أني هَالكٌ ، مِنْ وَرَائِياَ |
وَدَرِّ كَبِيْرَيّ َاللذين كلاهما |
عليَّ شَفِيقٌ ناصِحٌ لو نهانِياَ |
تذكرت من يبكي عليَّ فلم أجد |
سِوَى السَّيْف والرَّمْحِ الرُّدَيْنِي بَاكِياَ |
ولَمَّا تراءت عند مَرْوٍ مَنِيَتِي |
وَخَلَّ بها جِسْمِي وحَانَتْ وَفَاتِياَ |
أقول لأصحابي : ارفعوني فإنه |
يَقِرُّ بِعَيْنِي أن سُهَيْلٌ بَدَا لِياَ |
فيا صاحبي رَحْلِي ، دَنَا الموت فانزلا |
بِرَابِيَةٍ ، إني مُقِيمٌ لَيالياَ |
أَقِيْمَا عَلَيَّ اليوم ، أو بعض ليلة |
ولا تُعْجِلاَنِي ، قد تَبَيَّنَ شَانِياَ |
وقُوْمَا إذا ما استُلَّ روحي ، فَهَيِّئَا |
ليَ السدر والأكفان عند فنائيا |
وَخُطَّا بأطراف الأَسِنَّة مَضْجَعِي |
ورُدَّا على عَيْنَيّ فَضْلَ رِدَائِياَ |
ولا تَحْسُدَاني بَارك الله فيكما |
مِنَ الأرض ذات العَرْضِ أن تُوْسِعاَ لِياَ |
خُذَاني فَجُرَاني بِبُرْدِي إليكما |
فقد كان قبل اليوم صَعْباً قِيَادِياَ |
وقد كنت عَطَّافاً إذا الخَيل أَدْبَرَت |
سريعا لَدَى الهَيْجَا إلى من دَعَانِياً |
وقد كنت صَبَّاراً على القِرْنِ في الوَغَى |
وعن شَتْمِ ابن العمِّ والجار وَانِياَ |
فَطَوْرا ًتَرَاني في ظِلاَلٍ ونِعْمَةٍ |
ويوماً تَرَاني والعِتَاق رِكَابِياَ |
ويوماً تَرَاني في رَحَى مُسْتَدِيْرَةٍ |
وتَخْرِقُ أَطْرَافُ الرِّمَاح ثِيَابياَ |
وقُومَا على بِئْر السُّمَيْنَةِ أَسْمِعَا |
بِهَا الغُرَّ والبِيْضَ الحِسَانَ الرَوَانِياَ |
بأنكما خَلَّفْتُمَاني بِقَفْرَةٍ |
تُهِيلُ عَليَّ الرِّيحُ فيها السَّوَافِياَ |
ولا تَنْسَيَا عَهْدي خليليَّ بَعْدَما |
تَقَطَّعُ أَوْصَالِي وتَبْلَى عِظَامِياَ |
يقولون لا تَبْعُدْ وهم يَدْفُنُونَنِي |
وأيْنَ مكانُ البُعْدِ إلا مَكَانِياَ |
غَدَاةَ غَدٍ يا لَهْفَ نَفْسِي على غَدٍ |
إذا أَدْلَجُوا عَنِّي ، وأصبحت ثَاوِياَ |
فيا ليت شِعْري هل بَكَتْ أمُّ مالك |
كما كنت لو عَالَوا بِنَعْيِكِ باكِياَ |
فيا راكباً ، إما عَرَّضْتَ فَبَلِّغَنْ |
بَنِي مَالِكٍ والرَّيْب: أَنْ لا تَلاَقِياَ |
وبَلِّغْ أخي عِمْرانَ بُرْدِي ومِئْزَرِي |
وبَلِّغْ عَجُوزَ اليوم ألا تَدَانِياَ |
وسلِّم على شَيْخَيَّ مني كليهما، |
وَبَلِّغْ كَثِيراً وابن عَمِي وَخَالِياَ |
وما كان عهد الرَّمْلِ مِنِّي وأهله |
ذَمِيماً ، ولا وَدَّعْتُ بالرَّمْلِ قَالِياَ |