حكم حلق الشعر وتقليم الأظافر
إذا دخلت العشر الأول من ذي الحجة لمن أراد أن يضحي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أصحابه الطاهرين الطيبين، يا أرحم الراحمين، وبعد..
ذهب أهل العلم في ذلك ثلاثة مذاهب هي:
1. حرام: حُكي ذلك عن سعيد بن المسيب، وأحمد، وإسحاق، وبعض الحنابلة، كما قال ابن قدامة، وهو مذهب الظاهرية؛ ودليل هذا الفريق ما خرَّجه مسلم في صحيحه1 عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي".
2. مكروه: وهو قول لمالك ، والشافعي ، ورواية عن أحمد ، والقاضي أبي يعلى من الحنابلة، وبعض الحنابلة؛ واستدل هذا الفريق بقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقلدها بيده ، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي"2.
3. جائز: وهذا مذهب أبي حنيفة، لأنه لا يحرم عليه الوطء واللباس، ومن ثم لا يكره له حلق الشعر وتقليم الأظافر لمن لم يرد أن يضحي.
و الراجح القول الأول للحديث الصحيح الصريح، أما حديث عائشة رضي الله عنها فحديث عام، ولا قياس مع حديث صحيح صريح؛ قال ابن قدامة3 رحمه الله معلقاً على حديث أم سلمة السابق: (ومقتضى النهي التحريم، وهذا يرد القياس ويبطله، وحديثهم عام وهذا خاص يجب تقديمه، وتنزيل العام على ما عدا ما تناوله الحديث الخاص، ولأنه يجب حمل حديثهم على غير محل النزاع لوجوه منها :أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل ما نهي عنه، و إن كان مكروها؛ قال الله تعالى إخباراً عن شعيب" وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه"4؛ ولأن أقل أحوال النهي أن يكون مكروها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعله، فيتعين حمل ما فعله في حديث عائشة على غيره، ولأن عائشة تعلم ظاهراً ما يباشرها به من المباشرة، أوما يفعله دائما كاللباس والطيب ، فأما ما يفعله نادرا كقص الشعر، وقلم الأظفار مما لا يفعله في الأيام إلا مرة فالظاهر أنها لم ترده بخبرها.. ولأن عائشة تخبر عن فعله وأم سلمة عن قوله والقول يُقدَّم على الفعل.. إذا ثبت هذا فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظافر فإن فعل استغفر الله ولا فدية عليه.
0 كتاب شرح الاصول الثلاث شرح الشيخ ابن عثيمين