بقية الحديث للعلامة الالباني :
ثالثا :
قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم
من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه بـ " مبعد البكتريا " القاتل للجراثيم
و هذا و إن لم يكن موافقا لما في الحديث على وجه التفصيل
فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه و أمثاله من اجتماع الداء و الدواء في الذباب
و لا يبعد
أن يأتي يوم تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم
في ثبوت التفاصيل المشار إليها علميا , ( و لتعلمن نبأه , بعد حين )
و إن من عجيب أمر هذا الكاتب و تناقضه
أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث
ذهب إلى تصحيح الحديث
" طهور الإناء الذي يلغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات : إحداهن بالتراب "
فقال : " حديث صحيح متفق عليه "
فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته
فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم
فكيف جاز له تضعيف هذا و تصحيح ذاك ?!
ثم تأويله تأويلا باطلا
يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه
لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة
و أن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر !
و هذا تأويل باطل
بيّن البطلان
و إن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت - عفا الله عنه -
فلا أدري أي خطأيه أعظم
أهو تضعيفه للحديث الأول و هو صحيح
أم تأويله للحديث الآخر و هو تأويل باطل !
#1 02-27-2010, 09:01 PM
أم تيمية المغربية
عضو نشيط وفقه الله
حديث الذباب و ما في جناحيه من داء و شفاء ورد العلامة الالباني رحمه الله على من ضعف الحديث بحجة انه يعارض الابحاث الحديثة 4
--------------------------------------------------------------------------------
غمس الذباب في الطعام إذا سقط فيه لأجل الشفاء الذي في جناحه
ـــــــــــــ
عن سعيد بن خالد قال :
دخلت على أبي سلمة فأتانا بزبد و كتلة
فأسقط ذباب في الطعام
فجعل أبو سلمة يمقله بأصبعه فيه
فقلت : يا خال ! ما تصنع ?
فقال : إن أبا سعيد الخدري حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إن أحد جناحي الذباب سم ، والآخر شفاء
فإذا وقع في الطعام ؛ فامقلوه
فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء )
صحيح . الصحيحة برقم : 39
ـــــــــــــــــــ
قال محدث العصر فضيلة الشيخ الألباني - رحمه الله - :
.. فقد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة , عن هؤلاء الصحابة الثلاثة :
أبي هريرة ، و أبي سعيد ، و أنس
ثبوتا لا مجال لرده و لا للتشكيك فيه
كما ثبت
صدق أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
خلافا
لبعض غلاة الشيعة من المعاصرين , و من تبعهم من الزائغين
حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه
و اتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم
و حاشاه من ذلك
فهذا هو التحقيق العلمي يثبت أنه بريء من كل ذلك
و أن الطاعن فيه هو الحقيق بالطعن فيه
لأنهم رموا صحابيا بالبهت
و ردوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة !
و قد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمت
و ليت شعري !
هل علم هؤلاء بعدم تفرد أبي هريرة بالحديث
- و هو حجة و لو تفرد -
أم جهلوا ذلك
فإن كان الأول
فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه , و يوهمون الناس أنه لم يتابعه أحد من الأصحاب الكرام ? !
و إن كان الآخر
فهلا سألوا أهل الاختصاص و العلم بالحديث الشريف ?!
و ما أحسن ما قيل :
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ..... و إن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ثم إن كثيرا من الناس
يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء
و هو أن الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم
فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك الجراثيم
و الحقيقة
أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك
بل هو يؤيدهم
إذ يخبر
أن في أحد جناحيه داء , و لكنه يزيد عليهم فيقول : " و في الآخر شفاء "
فهذا
مما لم يحيطوا بعلمه
فوجب
عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين
و إلا فالتوقف إذا كانوا من غيرهم إن كانوا عقلاء علماء !
ذلك لأن
العلم الصحيح يشهد أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه
نقول ذلك
على افتراض أن الطب الحديث لم يشهد لهذا الحديث بالصحة
و قد اختلفت آراء الأطباء حوله
و قرأت مقالات كثيرة في مجلات مختلفة كل يؤيد ما ذهب إليه تأييدا أو ردا
و نحن بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث
و أن النبي صلى الله عليه وسلم ( ما ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى )
لا يهمنا كثيرا ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب
لأن الحديث برهان قائم في نفسه ، لا يحتاج إلى دعم خارجي
و مع ذلك
فإن النفس تزداد إيمانا حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح
و لذلك فلا يخلو من فائدة
أن أنقل إلى القراء خلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر
حول هذا الحديث ؛ قال :
" يقع الذباب على المواد القذرة المملؤة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة
فينقل بعضها بأطرافه , و يأكل بعضا
فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة يسميها علماء الطب بـ " مُبعد البيكتريا "
و هي تقتل كثيرا من جراثيم الأمراض
و لا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان
في حال وجود مبعد البكتريا
و أن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب
هي أنه يحول البكتريا إلى ناحيته
و على هذا
فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام و ألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب
فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم و أول واق منها
هو مبعد البكتريا الذي يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه
فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه
و غمس الذباب كله و طرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة
و كاف في إبطال عملها "
و قد قرأت قديما في هذه المجلة بحثا ضافيا في هذا المعنى
للطبيب الأستاذ سعيد السيوطي ( مجلد العام الأول )
و قرأت كلمة في مجلد العام الفائت ( ص 503 ) كلمة
للطبيبين محمود كمال و محمد عبد المنعم حسين نقلا عن مجلة الأزهر
ثم وقفت على العدد ( 82 ) من " مجلة العربي " الكويتية ص 144 تحت عنوان :
" أنت تسأل , و نحن نجيب " بقلم المدعو عبد الوارث الكبير
جوابا له على سؤال عما لهذا الحديث من الصحة و الضعف ?
فقال :
" أما حديث الذباب , و ما في جناحيه من داء و شفاء , فحديث ضعيف
بل هو عقلا حديث مفترى , فمن المسلم به أن الذباب يحمل من الجراثيم و الأقذار ...
و لم يقل أحد قط أن في جناحي الذبابة داء و في الآخر شفاء
إلا من وضع هذا الحديث أو افتراه
و لو صح ذلك لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضار الذباب و يحض على مكافحته "
و في الكلام - على اختصاره -
من الدس و الجهل ما لابد من الكشف عنه
* دفاعا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
* و صيانة له أن يكفر به من قد يغتر بزخرف القول !
فأقول :
أولا :
لقد زعم أن الحديث ضعيف
يعني من الناحية العلمية الحديثية بدليل قوله : " بل هو عقلا حديث مفترى "
و هذا الزعم واضح البطلان
تعرف ذلك مما سبق من تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
و كلها صحيحة
و حسبك دليلا على ذلك
أن أحدا من أهل العلم لم يقل بضعف الحديث كما فعل هذا الكاتب الجريء !
ثانيا :
لقد زعم أنه حديث مفترى عقلا
و هذا الزعم ليس وضوح بطلانه بأقل من سابقه
لأنه مجرد دعوى ، لم يسق دليلا يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكن الإحاطة به
ألست تراه يقول : " و لم يقل أحد ... , و لو صح لكشف عنه العلم الحديث ... " ؟!
فهل العلم الحديث
- أيها المسكين -
قد أحاط بكل شيء علما
أم أن أهله الذين لم يصابوا بالغرور - كما أصيب من يقلدهم منا - يقولون :
إننا كلما ازددنا علما بما في الكون و أسراره
ازددنا معرفة بجهلنا
و أن الأمر بحق كما قال الله تبارك و تعالى : ( و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ؟!
و أما قوله :
" إن العلم يقطع بمضار الذباب و يحض على مكافحته " !
فمغالطة مكشوفة
لأننا نقول : إن الحديث لم يقل نقيض هذا
و إنما تحدث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف معالجتها
فإذا قال الحديث : " إذا وقع الذباب .. "
فلا أحد يفهم
- لا من العرب و لا من العجم ؛ اللهم إلا العجم في عقولهم و إفهامهم -
أن الشرع يبارك في الذباب و لا يكافحه ?
ثالثا :
قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم
من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه بـ " مبعد البكتريا " القاتل للجراثيم
و هذا و إن لم يكن موافقا لما في الحديث على وجه التفصيل
فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المشار إليه و أمثاله من اجتماع الداء و الدواء في الذباب
و لا يبعد
أن يأتي يوم تنجلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم
في ثبوت التفاصيل المشار إليها علميا , ( و لتعلمن نبأه , بعد حين )
و إن من عجيب أمر هذا الكاتب و تناقضه
أنه في الوقت الذي ذهب فيه إلى تضعيف هذا الحديث
ذهب إلى تصحيح الحديث
" طهور الإناء الذي يلغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات : إحداهن بالتراب "
فقال : " حديث صحيح متفق عليه "
فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته
فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم
فكيف جاز له تضعيف هذا و تصحيح ذاك ?!
ثم تأويله تأويلا باطلا
يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه
لأنه ذكر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة
و أن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر !
و هذا تأويل باطل
بيّن البطلان
و إن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت - عفا الله عنه -
فلا أدري أي خطأيه أعظم
أهو تضعيفه للحديث الأول و هو صحيح
أم تأويله للحديث الآخر و هو تأويل باطل !
و بهذه المناسبة
فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يثقوا بكل ما يكتب اليوم في بعض المجلات السائرة , أو الكتب الذائعة
من البحوث الإسلامية
و خصوصا ما كان منها في علم الحديث
إلا إذا كانت بقلم من يوثق بدينه أولا , ثم بعلمه و اختصاصه فيه ثانيا
فقد غلب الغرور على كثير من كتاب العصر الحاضر
و خصوصا من يحمل منهم لقب " الدكتور " !
فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم
و ما لا علم لهم به
و إني لأعرف واحدا من هؤلاء
أخرج حديثا إلى الناس كتابا جله في الحديث و السيرة
و زعم فيه أنه اعتمد فيه على ما صح من الأحاديث و الأخبار في كتب السنة و السيرة !
ثم هو أورد فيه من الروايات و الأحاديث
ما تفرد به الضعفاء و المتروكون و المتهمون بالكذب من الرواة كالواقدي و غيره
بل أورد فيه حديث : " نحن نحكم بالظاهر , و الله يتولى السرائر "
و جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم
مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ ؛ كما نبه عليه حفاظ الحديث كالسخاوي و غيره
فاحذروا
أيها القراء أمثال هؤلاء . و الله المستعان
.............................................................
المجلد الثاني من كتاب :
نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد
لعبد اللطيف بن أبي ربيع
( ص : 172 – 177 )