اعــــلام مــن كبــــوشيـــة
د. سعاد تاج السر علي الشيخ،
د. سعاد تاج السر علي الشيخ،
أستاذة دراسات الشرق الأوسط،
ورئيسة قسم الأدآب والثقافات الكلاسيكية والشرق أوسطية في مدرسة الأدآب والثقافات الدولية،
وعضو مركز دراسات الدين والصراع،
وعضو شعبة الدراسات الجندرية والدراسات الإفريقية في جامعة ولاية أريزونا الأمريكية.
الفت كتاب "الاسلام واصول الحكم"
زوجها عبد الله جلاب استاذ في نفس الجامعة
قالت:
"ربما عدنا للوطن يوماً بعد كل هذه المعاناة. ولكن للأسف قد فقد الأبناء للأبد فرصة الترعرع والنشأة في وطنهم الأم."
أصدرت
مطبعة جامعة يوتـا الامريكية كتاب "دين، وليس دولة: التبرير الإسلامي لعلى
عبد الرازق للعلمانية السياسية". وهو تحليل مركّز لكتاب الشيخ المصري على
عبد الرازق: "الإسلام واصول الحكم: بحث في الخلافة والحكومة في الاسلام"،
الصادر فى سنة 1925.
من هي الدكتورة سعاد تاج السر علي الشيخ ؟
سعاد
تاج السر علي الشيخ ولدت ونشأت في مدينة أمدرمان التي نزح إليها والداهاَ:
تاج السر علي الشيخ حفظه الله ووالدا والدتها ريـا أحمد الشيخ، رحمهم
الله، من الشمالية في كبوشية وشندي. ورغم أن الأسرة جذورها مُصنّفة
جعلياً، لكن قالت سعاد: "أنا لم أزر الشمالية إطلاقاً للأسف، وهذا تقصير
مني. والدتي رحمها الله أيضاً مولودة في أمدرمان، ووالدي مولود في كبوشية،
فالتحية لكل الأهل." واضافت سعاد: "حقيقة وبكل صراحة، إندهشت لسؤالك عن
القبيلة لأنني، رغم فخرنا واحترامنا لكل الجذور السوادنية، فإن قناعتي
أننا تجاوزنا، ويجب أن نتجاوز، مسألة القبيلة هذه، فنحن سودانيون أولاً
وأخيراً."
درست سعاد في مدرسة عثمان صالح الإبتدائية، ثم في مدرسة
الشنقيطي الثانوية العامة بأمدرمان. ثم جامعة السودان(دبلوم تجارة)ً، ثم
جامعة لندن وجامعة الخرطوم (بكالرويس إمتياز، تخصص الأدب الإنجليزي
والإفريقي). في ذلك الوقت عملت في شركة "التاج للتجميل"، وهي شركة عائلية
لانتاج الحناء والعطور السودانية. ثم رحلت الى امريكا، ونالت ماجستير
إمتياز في الأدب الإنجليزي (تخصص أدب إفريقي أمريكي) من جامعة بريجام يونج
الامريكية سنة 1995. وكانت الرسالة عن: "مابعد الاستعمار وظهور الانثوية
الافريقية." وفي سنة 1997، اسست مع زوجها مركز السودان للسلام
والديمقراطية والحقوق المدنية، ومن المواضيع التي ناقشها عودة المعارضين
الى السودان. وقالت ان رأيها كان "ارتكبت المعارضة السودانية خطأ فادحا
بخروجها من السودان."
وفي سنة 2004، نالت دكتوراه إمتياز درجة
الشرف في دراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية من جامعة يوتـا
الامريكية. وكانت الرسالة عن: "كتاب على عبد الرازق الاسلام واصول الحكم:
تطور حديث للفكر الاسلامي." ونشرت العديد من المقالات باللغة الإنجليزية،
منها على سبيل المثال دراسة لرواية الكاتبة السودانية بثينة خضر مكي،
"حجول من شوك"عن الهوية السودانية.
اسرتها:
في كتابها، من
بين العديدين الذين شكرتهم لتأثيرهم الإيجابي في مسيرة إصدارها الكتاب،
زوجها د. عبد الله جلاب، استاذ الدراسات الافريقية والافريقية الاميركية
في نفس جامعة ولاية أريزونا. وفي السنة الماضية اصدر كتاب: "الجمهورية
الاسلامية الاولى: تطور وتفكك الاسلاميين في السودان."
كتبت سعاد
ان زوجها "ببصيرة، واهتمام لا يفتر وحب وفهم، ظل مصدرا مستمرا للالهام
والتشجيع." وشكرت ابنهما احمد، وبنتيهما عزّة وشيراز على "صبرهم، وتحمل
كثير من ساعات الكتابة على حساب اوقاتهم الغالية." وشكرت والدها الشيخ تاج
السر على الشيخ الذي، "خلال كتابتي لمسودة الكتاب، ساعدني بتشجيعه وحبه
ودعمه." وشكرت "حب وصلوات والدتي العزيزة الحاجة ريـا احمد الشيخ، مع
الصلاة على روحها، والتي توفيت قبل شهور قليلة، ولم تعش لترى هذا الكتاب
في صورته النهائية."
وعن اسرتها في امريكا، قالت سعاد: "أسرتي
الصغيرة في الولايات المتحدة تشمل زوجي العزيز عبدُالله أحمد جلاّب، وهو
بروفسور أيضاً في جامعة ولاية أريزونا. وأبناءنا الأحباء: أحمد جلاّب وقد
تخرج بدرجة البكالريوس درجة الشرف في علم الإتصال والكوبيوتر من جامعة
ولاية أوهايو. وعزة جلاّب وقد تخرجت هذه السنة بدرجة البكالريوس درجة
الشرف في الدراسات الإفريقية والصحافة من جامعة ولاية أوهايو. وشيراز
جلاّب وهي صغيرتنا التي تدرُس الآن لنيل درجة البكالرويس درجة الشرف في
جامعة شيكاغو. وكانت قد أكملت دبلوم الثانوي العالي بامتياز، وتفكّر الآن
في التخصص في العلاقات الدولية والسياسة العامة."
وقالت ان احمد
يعشق الموسيقى، والأن يعمل في نيويورك. وفي نيويورك ايضا تعمل عزة، مع
شركة "كورنر ستون". والأن، يشترك الاثنان في انشاء شركة موسيقية.
علاقتهم بالسودان:
عن
علاقة اسرتها بالسودان، قالت انها "حميمة، عميقة، وقوية جداً حيث أن
زياراتي للسودان الحبيب لم لتنقطع أبداًئ. وأزور السودان تقريباً كل سنة.
في الماضي كنت أصحب الأطفال في زيارات منتظمة للسودان. ننزل في بيت الوالد
الكبير العامر في حي العمدة العريق بأمدرمان حيث نستمتع بصحبة الولدين
الأحباء الكرام والإخوة والأخوات الكرام الأحباء وأبنائهم وبناتهم جميعاً.
وقد توفيت الوالدة الكريمة العام الماضي رحمها الله. كان الأطفال يستمتعون
جداً بهذه الزيارات ويتشوقون لها. وبعد أن بدأوا دراساتهم الجامعية، بدأوا
يذهبون حسب ظروف دراستهم."
واضافت: " الجزء الهام الآخر لعلاقتنا
الحميمة بالسودان بالطبع يشمل زياراتنا لكردفان ومدينة الأبيض عروس الرمال
حيث أسرة جلاّب، أسرتنا الثانية في حي الصفاء التي تربطنا بها علاقة قوية
وعميقة جداً أيضاً. رحم الله الوالد الكريم أحمد جلاًب فقد قضينا معه ومع
جميع الأهل أوقاتاً طيبة غنية. وكانت الوالدة الكريمة عزة أحمد حبيب،
والدة جلاّب، رحمها الله، قد توفيت قبل سفرنا إلى أميركا. الأبناء كانوا
يستمتعون جداً بزيارة الأبيض وبارا ولهم ذكريات حميمة أيضاً دونوها
بالفيديو والصور الفوتوغرافية وكتبوا عنها. آخر زياة قمت بها للسودان في
رمضان الماضي في أغسطس (لأول مرة أحضر رمضان في السودان منذ 19 عاماً وقد
كان ممتعاً حقاً) في طريقي للكويت التي أنا بها الآن في منحة فولبرات لمدة
سنة أكاديمية حيث أدرّس وأبحث أكاديمياً في الجامعة الأميركية في الكويت.
السودان من امريكا:
عن
انطباعتها نحو السودان وهي تعيش في امريكا، قالت: "السودان دائماً في
القلب. ومن المحزن جداً رؤية هذا البلد الجميل يترنّح بين آثار الحكومات
العسكرية الشمولية التي قبضت على السلطة بعيداً عن الديمقراطية لمعظم
سنوات السودان (المُسْتَقِل) بدءأً بحكومات عبود، نميري، والبشير
العسكرية. ومن المؤسف أيضاً رؤية الصراعات السياسية، وكمية تزايدها، وفشل
جميع السياسيين (حتى في الفترات الديمقراطية القصيرة جداً مقارنة بفترات
الحكم العسكري المتعاقبة، رغم أن الديمقراطية لم تُعطى الوقت لإكمال
مشوارها) في إرساء أي نوع من الإستقرار والرخاء في البلاد."
واضافت:
"من المؤلم جداً رؤية فقدان مجهودات الشعب السوداني العملاق تضيع هدراً.
لقد وقف هذا الشعب الجبار في 21 أكتوبر 1964 وفي أبريل 1985 في وجه أنظمة
عسكرية دكتاتورية شمولية غاشمة وهزمها بالعصيان المدني والثورة الشعبية
التي لا يوجد لها أي مثيل مُطابِق في العالمين العربي والإفريقي. ولكن
للأسف لم يستفد أهل السياسة من إقتناص هذه الفرص النادرة لإرساء دعائم حكم
إستقرار ورخاء، وجاء العسكريون دائماً ليصطادوا في الماء العِكر دون أن
يعطوا الديمقراطية فرصة لتنمو وتترعرع ..."
محاسن ومساوئ امريكا:
وعن
محاسن ومساوئ الحياة في امريكا، قالت سعاد: "فرص التعليم بمستواه العالي،
خاصة للأبناء، هو من أبرز الفوائد. وايضا النهل من علمٍ زاخر وتخصصات
مختلفة في جامعات مُتميّزة. كذلك التمازج مع ثقافاتٍ عديدة مهاجرة
للولايات المتحدة." واضافت: "الإنتماء لثقافاتٍ عديدة إمتزج بالثقافة
السودانية الفريدة، وكل الفوائد المُستفادة من الأسفار."
لكن، "من ناحيةٍ أخرى، البعد عن الوطن، وعن الأهل، بصورة أساسية بالطبع يُعتبر من أبرز المساوئ."
وتحدثت
سعاد عن "حرمان من فصلوا من العمل قسراً من الإسهام في تطوير الوطن كلٌ في
مجاله. وحرمان الأبناء الأحباء القاسي غير الطوعي من النشأة في بلادهم.
ومن أن يترعرعوا في كنف أهلهم وأجدادهم. ومن التشرّب بكل مزايا العيش في
الوطن الأُم من إتقان للغة الأم، والثقافة، وحذق كل شئ في الوطن. ومن
إحتضانه، واستنشاقه عميقاً."
واضافت: "هذا الحرمان القسري الذي وجد فيه المغترب ممن أحيل للصالح العام نفسه وأسرته فيه هو في قمة أحزان ومعاناة الغربة."
واضافت:
"ربما عدنا للوطن يوماً بعد كل هذه المعاناة. ولكن للأسف قد فقد الأبناء
للأبد فرصة الترعرع والنشأة في وطنهم الأم. فرغم عوداتهم المتقطّعة
أحياناً للوطن، لا يوجد شئ في الوجود يمكن أن يعوضهم فقدان النشأة
الطبييعة في وطنهم الأم. ربما كان العزاء الوحيد، وليس العوض، هو
الإستفادة القصوى من مجالات التعليم والتخصصات الأكاديمية والتشرّب
بثقافات عديدة. وكلها لاشك تصب إيجابياً في رحلة العمر للوالدين والأبناء
على حدٍ سواء."
عزالدين عباس الفحل