تقرير صحيفة التحرير المصرية يوم 4 اكتوبر 2011 الذي فجر القضية مؤخرا في مصر :
Quote:
جثث الأفارقة فى المشرحة
«شبانة.. المهدية.. الماسورة».. هنا تقع أبشع جرائم الاتجار بأعضاء البشر، تلك المناطق التى تقع بالمنطقة الحدودية جنوب سيناء التى تقسم -حسب اتفاقية كامب ديفيد- إلى منطقتى «ب وج» منزوعى السلاح، تشهد أكبر تجارة لأعضاء البشر، بل ومدافن لجثث الضحايا الأفارقة الذين ترتكب ضدهم تلك الجرائم، من قبل جزارى البشر.
دراسة غير حديثة، للتحالف الدولى لمكافحة تجارة الأعضاء «cofs» كشفت أن مصر تحتل المركز الثالث عالميا فى تجارة وزارعة الأعضاء البشرية غير المشروعة، مشيرة إلى أن مصر أصبحت المركز الرئيسى فى المنطقة لتجارة الأعضاء، التى أصبحت أكثر ربحا وأمنا من تجارة المخدرات، حسب الدراسة، التى أطلقت على مصر لقب «برازيل الشرق الأوسط» نظرا لأن البرازيل تحتل المركز الأول فى أمريكا اللاتينية فى التجارة ذاتها.
تساؤلات كثيرة فى هذا الملف نطرحها، ونجيب عنها بما وصلنا من معلومات وأدلة وصور تؤكد وقوع تلك الجرائم المسكوت عنها، منها: من يرتكب الجريمة؟ مافيا من الخارجين على القانون بتلك المناطق الحدودية، وضد من؟ ضد اللاجئين الأفارقة الذين يحاولون التسلل إلى إسرائيل عبر الأراضى المصرية، ولمن تباع هذه الأعضاء؟ تباع لإسرائيل التى تعد أكبر مركز لتجارة –أو بالأحرى شراء– الأعضاء البشرية.
عدد العمليات التى تتم فى مصر يقترب من خمسة آلاف عملية سنويا، وأهم الأعضاء البشرية التى تتم عليها العمليات، هى الكلى التى تعد الأكثر مبيعا فى مصر، حيث يصل سعر الكلية الواحدة إلى 25 ألف دولار، أى 150 ألف جنيه، وكذلك البنكرياس الذى يصل سعره إلى 15 ألف جنيه، بينما يتراوح سعر فص الرئة من 25 إلى 40 ألف جنيه، والكبد يتراوح ثمنه بين 15 إلى 50 ألف جنيه، وأحيانا يكون المقابل سلاحا، أما عظام القدم، ففى كثير من الأحيان تعطى مجانا.
السلاح فى كثير من الأحيان يكون المقابل العينى للأعضاء البشرية التى تحصل عليها إسرائيل من العصابات، وهو ما يفسر –بعض الشىء– مصدر الأسلحة التى يمتلكها كثيرون من أهالى سيناء، وتورد إلى كل محافظات مصر.
الفرائس، أو الضحايا، غالبا من مواطنى إريتريا والسودان ودول إفريقية أخرى، تتعرض لحروب أهلية ومجاعات يضطر أبناؤها للهرب، بشكل غير شرعى، ليقعوا فى قبضة تجار الأعضاء البشرية، على المناطق الحدودية، خصوصا مع إسرائيل، ويساعدهم -العصابات- على ذلك أن ضحاياهم فى الغالب لا يملكون أوراقا رسمية تدل على هوياتهم، وهو ما يسهل المهمة، حيث تسرق الأعضاء البشرية منهم وتباع لإسرائيل، وتدفن البقايا فى أرض سيناء، وتحديدا فى مناطق «شبانة والمهدية والماسورة».
الجهات المسؤولة بمصر لا تلتفت مطلقا إلى تلك الجرائم، ورغم محاولات الناشط السيناوى حمدى العزازى وفريق عمله الذى يتكون من فتاتين لا يتعدى عمراهما الخامسة والعشرين، وكرسوا جهدهم للقضاء على تلك الظاهرة التى تهدد أهالى سيناء بسبب دفن نفايات الجثث أو زيادة سلطات تلك العصابات المتمركزة فى المناطق منزوعة السلاح، فإن مسؤولى ملف الاتجار بالبشر واللاجئين بوزارة الخارجية لا يتعاملون بجدية مع الموضوع، الأمر الذى دفع عزازى وفريقه إلى الاعتماد على أنفسهم، إما بتنظيم مؤتمرات جماهيرية فى سيناء لتأكيد نبذ البدو وأهالى سيناء تلك الجرائم، أو المشاركة فى مؤتمرات دولية لرصد ومواجهة الظاهرة.
العزازى جاء إلى «التحرير» محملا بآلاف الصور والفيديوهات التى سجلها بنفسه لتوثيق ما يحدث من جرائم، ليفتح الملف المسكوت عنه حتى الآن، وليكشف أن تلك العصابات ترتكب جرائمها فى سيارة متنقلة تشبه غرف العمليات المجهزة، وهى بالفعل غرف عمليات تحت مسمى «قافلات الإغاثة الطبية للبدو فى الصحراء» أو تحت أى مسمى آخر.
صور الضحايا من الأفارقة، وما تم تسجيله لهم فى اللحظات الأخيرة قبل الموت، تكشف خطورة الوضع فى تلك المناطق الحدودية، التى تحولت إلى مركز سرقة أعضاء لصالح إسرائيل، فهى تكشف عن جماجم بلا أعين، وبطون مبقورة خالية من كل شىء، كالكبد والقلب والكلى والطحال، وكل شىء قابل للسرقة والتجارة.
الناشط السيناوى يقوم مع فريقه بتكفين تلك الجثث التى يجدها ملقاة فى الصحراء ليقوم بدفنها تكريما للجثمان، ومنعا لانتشار الأمراض. فى تلك المناطق توجد مقابر جماعية لما تبقى من جثث الأفارقة.
حمدى العزازى الناشط والموثق الأول لتلك الجرائم قال لـ«التحرير» إن الطبيعة الإجرامية لنشاط تجارة الأعضاء هى سبب الدعوة لطرح المبادرة المصرية لحقوق الفرد، وذلك للمساعدة على الوصول إلى ضحايا تجارة الأعضاء، «أصبحت تجارة الأعضاء البشرية عملا يدر دخلا كبيرا، حيث يتعاون الأطباء مع الوسطاء لتقسيم الربح المادى».
جريدة التحرير المصرية