الموسيقى والغناء:-
لكل مجموعة من تلك المجموعات عاداتها وتقاليدها وثقافتها الخاصة بها ، هذه الخاصية الثقافية المتعددة تلاقحت وانصهرت فيما بينها ونتجت عنها الثقافة السودانية المتنوعة والتى شكلت وبمرور الزمن وجدان كل الشعب السودانى . فمن الناحية الموسيقية نجد ان شمال السودان يتميز بالة الطمبور
( 1 ) الشعبية والايقاعات المركبة والغناء الرقص الجماعى وغناء الدلوكة
( 2 ) والدوبيت . و يعتبر الدوبيت من أهم المراحل الغنائية فى تاريخ الغناء والموسيقى فى السودان . كما نجد فى شرق السودان انواع غنائية متعددة اكثرها انتشارا غناء الدرفولى لدى قبائل البجا كما تنتشر أغاني الدوبيت والمناحة ومن أكثر الآلات الشعبية انتشارا في شرق السودان هي آلة الباسنكوب التى تشبه الة الطمبور فى الشكل وتختلف معه فى الحجم والدوزنة . أما جنوب السودان فقد حافظ على عرقه واصله الافريقى الذى يتميز بالغناء الجماعي والذى عادة ما يكون مصحوب بطقوس ورقصات معينة وضربات الطبول ومن اكثر انواع الغناء انتشار عند قبيلة الدينكا باعتبارها اكبر قبيلة فى السودان هى أغاني أقر وأغاني اللور وأغاني أودور كما نجد ان قبيلة الزاندى والتى تنتشر على الحدود السودانية مابين يوغندا وكينيا والكنغو من اكثر القبائل الجنوبية حبا للموسيقى وتنتشر فيها الآلات الشعبية مثل الة- البالمبو والكربى والكوندى
( 3 ) - وتتعدد فيها الأنماط الغنائية كما نجد أن الموسيقى ارتبطت بالحياة الاجتماعية والطقوسية لدى قبائل البرتا والذين يقطنون منطقة جنوب النيل الازرق فنجد عندهم -ابواق الوازا ومزامير القنا والة الجنقر
( 4 ) - والتى تشبة الة الطمبور ولكنها اكبرحجما وصوتها اغلظ ولكل الة من هذه الالات وقت معين للاستخدام ومرتبط بطقوس معينه. أما غرب السودان تتعدد فيه الأنماط الغنائية والتى عادة ما تكون مصحوبة بالرقص و الغناء الجماعي المصاحب بالصفقة و الضرب على النقارة
( 5 ) كما تستخدم الة الربابة وهى شبيه لالة الطمبور والة ام كيكى
( 6 ) ذات الوتر الواحد والقوس وتعبر اغانى الجرارى والمردوم و الجالسة هى الاكثر انتشارا بالمنطقة . شكل الغناء المنتشر بالسودان وما قبل الهجرات العربية كان افريقى الطابع وتمارس فيه الطقوس الخاصة بكل مجموعة ويغلب عليه الأداء الجماعي وبعد انتشار الدين الإسلامي في الممالك الكبيرة مثل مملكة الفونج ( 1820 - 1504 م ) ومملكة تقلى ( 1570 - 1827 م ) وسلطنة الفور ( 1875 - 1637 م ) و قيام الثورة المهدية فى عام 1885 م وبمرور الزمن انصهرت وتلاقحت تلك الثقافات المتعددة فى بوطقة واحدة تحمل كل الالوان الغنائية والموسيقية والتى تمثل كل القبائل التى شاركت فى الثورة المهدية وكونت ما نسميه الآن بثقافة الوسط وبسقوط الثورة المهدية فى عام 1898 م وقع السودان تحت الحكم الثنائى الانجليزى المصرى واصبح السودان مصدر للمواد الخام مما جعله مرتبطا بالسوق الخارجى بالتالى ارتبط بالتطور القائم على الخبرات الغربية بعيدا عن الاعراف والتقاليد القبلية الكانت متبعة وسائدة فظهرت المدن الكبرى واصبحت تلك المدن مراكز تجارية تمركزت بها كافة الثقافات ومن بينها الموسيقى والغناء واصبحت الخرطوم هى العاصمة القومية لكل البلاد حيث كان لها دور واضح وهام فى الحياة الموسيقية والغنائية والتى اخذت الطابع القومى. فظهرت عدة انواع غنائية متنوعة منها الدوبيت وأغاني الطنابرة
( 7 ) بجانب المدائح النبوية ، هذه الأنماط نتجت عنها أغنية الحقيبة في بداية العشرينات من القرن الماضي والتى اعتمدت على النص الشعرى و اللحن الدائرى المتبادل مابين المغنى وترديد الكورس معه بدون مصاحبة الة موسيقية ما عدا الالات الايقاعية منها الرق والمثلث ، ويعتبر فن الحقيبة هو المرحلة التأسيسة الاولى للغناء والموسيقى فى السودان وحتى اليوم . فى بداية الثلاثينات من القرن الماضي ظهرت مرحلة جديده فى شكل الغناء الا وهى دخول الالة الموسيقية مثل العود والكمان و تم توظيفهما فى مكان الكورس المصاحب للمغنى و فى عام 1947 م تكونت أول فرقة موسيقية تابعة لاذاعة امدرمان استخدمت العود والكمان وصفارة الابنوس والاكورديون واصبحت الة العود هى الالة المسيطرة ويعتمد عليها المؤلف فى التأليف .